الخلع والفسخ في النظام السعودي بين الحق المكفول ونداء الكرامة وماهو الأثر المترتب على ذلك
حينما تتقاطع الشريعة مع النظام وفي حضرة العدالة ينهض القانون السعودي ليمنح المرأة حقًا أصيلاً في إنهاء رابطة زوجية لم تعد تحتملها النفس ولا يرضاها العقل والمنطق ولا يطيقها القلب.
فالخلع والفسخ ليسا مجرد إجراءين قانونيين بل هما ترجمة لنداء داخلي يطلب الإنصاف ويسترد الكرامة.
وهنا فالخلع في النظام السعودي هو فراقٌ بطلب الزوجة وموافقة الزوج مقابل عوضٍ تبذله الزوجة، غالبًا ما يكون المهر أو ما يعادله. وهو فسخٌ لا يُحسب من الطلقات، لكنه يُنهي العلاقة بفرقة بائنة تحفظ للطرفين حق البدء من جديد دون خصومة.
وليس في الخلع اشتراط ضرر بل يكفي أن تُعلن المرأة عدم قدرتها على الاستمرار، وأن تخشى ألا تُقيم حدود الله.
وهنا، لا يُنظر إلى التفاصيل الصغيرة بل إلى جوهر العلاقة فهل بقي فيها ما يُبقيها؟
أما بخصوص الفسخ فهو طريقٌ قضائي يُلجأ إليه حين تتعذر الحياة الزوجية بسبب ضررٍ أو غشٍ أو إخلالٍ بشرطٍ جوهري في العقد او في عدم النفقة او عدم المعاشرة بالمعروف والضرب وتعاطي المخدرات وغيرها من الأمور الموجبة للفسخ .
ولا يُشترط فيه رضا الزوج بل يُنظر فيه إلى الحق ويُبتّ فيه بحكمٍ من المحكمة دون عوضٍ يُطلب من الزوجة.
وفي الحقيقة فالفسخ يُعيد التوازن حين تختل المعادلة ويُعيد للمرأة حقها حين تُسلب إرادتها ويُعيد للعلاقة احترامها حين تُهان.
تبدأ الدعوى برفع طلب عبر المحكمة المختصة أو من خلال المنصات العدلية المهيئة ومن ثما تُعرض على لجنة صلح فإن تعذر الإصلاح تُنظر القضية أمام القاضي.
وفي كل خطوة يُراعى حفظ الكرامة لدى الطرفين وضمان سرية الجلسات وخصوصية الأطراف.
وفي الواقع إن ما يُميز النظام السعودي في هذا الباب أنه لا يُعامل المرأة كطرف ضعيف بل كصاحبة إرادة ومالكة قرار.
فالخلع والفسخ ليسا هروبًا بل اختيارًا واعيًا حين تُصبح العشرة عبئًا ويغدو الصبر جرحًا.
في مجتمعٍ يُعلي من شأن الأسرة ويُقدّس الميثاق الغليظ لا يُفتح باب الفسخ والخلع إلا حين تُغلق أبواب المودة.
وحينها لا يكون الفراق خصومة بل رحمة لا يكون انكسارًا بل استردادًا للذات.
وهنا فالمرأة في النظام السعودي ليست رهينة عقد بل شريكة فيه وإن اختارت الخروج فلها أن تخرج بكرامة وبحقٍ مكفول وبقلبٍ لا يزال يؤمن أن العدالة ليست فقط في البقاء بل أحيانًا في الرحيل.