من دهاليز السياسة المُظلمة إلى شمس السعادة المُشرقة
قال الله تعالى:
﴿يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ
إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ﴾ [البقرة: 9]
وفي الحكمة:
من أكثر من طرق أبواب السياسة فلا يلومنَّ إلا نفسه إذا دخلت عليه الفوضى من أوسع أبوابها
هل السياسة فن إدارة الشعوب أم فن تضليلها؟
هل هي أداة للبناء أم وسيلة للهدم وهل يمكن أن تكون طريقًا للعدل أم أنها لا تنجو من وحل المصالح الخفية
هذه الأسئلة ليست ترفًا فكريًا بل هي تساؤلات مشروعة
في زمن أصبحت فيه الأخبار تتسابق إلينا من كل حدب وصوب تحمل لنا صور الحروب وأصوات الاحتجاجات وتحليلات اقتصادية مخيفة حتى يكاد القلق يطرق أبواب
كل بيت
فالسياسة من حيث المفهوم الأكاديمي
هي فن إدارة شؤون الدول وتنظيم العلاقات بين الشعوب والحكومات لكن على أرض الواقع نجد لها وجوهًا متعددة:
سياسة واضحة تُمارس أمام العلن بشعارات ومواقف معلنة
سياسة مبطنة تتخفى خلف تصريحات دبلوماسية ووعود لامعة
سياسة خفية تُدار خلف الكواليس عبر تحالفات ومصالح وأجندات
أما الإعلام السياسي فقد أصبح هو الآخر جزءًا من اللعبة
فتارة يسلط الضوء على حقائق مؤلمة وتارة يصنع حقائق وهمية تخدم أجندات معينة مستخدمًا أسلوب الإثارة والخوف ومستضيفًا شخصيات لها تاريخ طويل في صناعة القرار لكنها اليوم تحترف صناعة الرأي العام
وأنا كمتابع مثلي مثل ملايين الناس وجدت نفسي بين سيل من الأخبار والتحليلات المتناقضة عن حروب وشيكة أو أزمات اقتصادية طاحنة
وعن شعوب تنتفض ضد حكوماتها وفي النهاية كثير مما يُعرض أمامنا ليس سوى خليط بين الحقيقة والافتراء مما زرع في النفوس القلق والخوف من المستقبل
عندها قررت أن أترك السياسة لأهلها وأن أختار لنفسي سياسة أخرى لا تتأثر بالأجندات ولا تعيش على الخوف وهي " سياسة صناعة السعادة "
سياسة تبدأ من القلب وتمتد إلى البيت والعمل والمجتمع تقوم على المحبة والتعاون وصناعة بيئة صحية تزرع الطمأنينة بدل القلق
هذه السياسة ليست حلماً رومانسياً بل هي منهج حياة لأن المجتمعات السعيدة أقوى على مواجهة الأزمات وأقدر على التماسك أمام التحديات
في النهاية قد تتعدد تعريفات السياسة لكن أجمل سياسة يمكن أن نتبناها نحن شعوب الأرض هي أن نصنع السعادة حيثما حللنا وأن نعيش بسلام
مع أنفسنا ومن حولنا بعيدًا عن ضجيج المصالح وصراع الكراسي
فلنصنع نحن سياساتنا الصغيرة التي لا تحتاج برلمانات ولا مؤتمرات سياسات تقوم على البسمة التي تُطمئن والكلمة التي تُلهم واليد التي تبني
فكما قال النبي ﷺ: ( أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس )
فلنكن من هؤلاء النافعين نزرع الخير حيثما مررنا ونترك خلفنا أثرًا طيبًا لا تزعزعه الأزمات
ولا تغيّره رياح السياسة أيا كانت نوعها ..