المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 8 أغسطس 2025
المستشار احمد السعدي - سفير غرب
المستشار احمد السعدي - سفير غرب

نفحة إنسانية في زمن النسيان

قبيلة خديد تكرم الأستاذ ماجد العالي وذلك تقديراً لدورة الإنساني في إنقاذ زوجته والتبرع لها بكلية وتبرع زوجته الثانية بجز من الكبد.
في زمنٍ طغَت فيه الماديات، وتراجعت فيه القيم الإنسانية أمام زحف المصالح الشخصية، تطلّ علينا مبادرة قبيلة خد يد كشموسة تُذكّرنا بأنّ النبل ما زال ينبض في أعماق المجتمع، وأنّ العطاء باقٍ كشجرةٍ وارفةٍ تُظلّل الجميع بظلالها. فهذه القبيلة الكريمة، بإقدامها على تكريم نسيبها الأستاذ ماجد العالي، لم تُكرّم رجلاً فحسب، بل كرّمت قِيَماً إنسانيةً نادرةً كادت أن تُطوى صفحاتها في زمننا الحاضر.
لقد صنع الأستاذ ماجد العالي من حياته قصيدةً من العطاء، فلم يبخل بكلّيته لزوجته التي أصيبت بفشل كلوي، ولم يتوقف عند هذا الحدّ، بل ساندته زوجته الثانية بتبرعٍ نبيلٍ بجزءٍ من كبدها، ليكتمل المشهد الإنسانيّ بأبهى صور التضامن الأسري. ولم يكتفِ بذلك، بل تحمّل أعباء العلاج والسفر على نفقته الخاصة، حتى أثقلت الديون كاهله، لكنّ قلبه ظلّ أخفّ من الريش، لأنّه يعلم أنَّ العطاء في سبيل الحياة لا يُقاس بثمن.
إنّ مبادرة قبيلة خد يد بتكريمه ليست مجرد ردّ جميل، بل هي إعلانٌ صريحٌ بأنّ المجتمع ما زال يحتفظ بجذوته الأصيلة، وأنّ القبيلة ليست مجرد نَسَبٍ يمتدّ في الأرض، بل هي ضميرٌ حيٌّ يُدرك معنى التكافل. فهي بذلك تُرسّخ لمفهومٍ أعمقَ للرجولة، رجولةٍ لا تُقاس بالقوة أو السيطرة، بل بالقدرة على العطاء حتى عند الحاجة، والتضحية حتى عند العوز.
لقد قدّمت القبيلة درساً بليغاً للجميع: أنَّ تكريم الإنسان ليس مرتبطاً بمنصبٍ أو مال، بل بما يبذله من خيرٍ يبقى أثره في النفوس. فالأستاذ ماجد لم يأخذ من بناتهم شيئاً، لكنّه أعطاهم دروساً في الإنسانية، وأثبت أنّ الرجولة الحقيقية هي تلك التي تُشاد على أسسٍ من الحبّ والوفاء.
في الختام، تبقى هذه المبادرة نبراساً يُضيء الطريق للأجيال القادمة، تذكيراً لهم بأنّ القبيلة ليست حصناً منيعاً للعصبيات، بل هي ساحةٌ رحبةٌ للعطاء، وأنّ الدمَ لا قيمةَ له إن لم يكنْ وعاءً للفضيلة. فتحيةً لقبيلة خد يد على هذه اللفتة الكريمة، وتحيةً للأستاذ ماجد العالي، الذي جسّد بأفعاله مقولة الشاعر:
فكم هو جميلٌ أن نرى في زمننا هذا مَن يملكون قلوباً كالجبال الشامخة، لا تتزعزع أمام رياح المصاعب، وتظلّ مناراتٍ للخير تُرشد الضالّين إلى درب الإنسانية.
 0  0  1.4K