ماشي الحال
ليست كل تمام نابعة من الرضا، ولا كل ماشي الحال تعني أن الحال فعلاً ماشي. فكثير مما يُقال في لحظات الإنهاك لا يعكس ما بداخلنا، بل يأتي كطريقة مهذّبة للهروب من مزيد من الشرح.
فوراء الكلمات المقتضبة أحيانًا قصص طويلة وعقبات ثقيلة وقلق لا يجد ملامح واضحة ليُقال به. ويُرد بكلمة واحدة لأن الشرح مرهق ولأن السؤال المتكرر يُتعب أكثر من الصمت.
فأصبحنا نقول تمام مع أننا لا نشعر بشيء قريب من التمام. ولأن اللغة اليومية امتلأت بجمل نحفظها عن ظهر قلب نُلقيها دون مراجعة ونرد بها على كل شيء، وهذا ليس لأن المعنى حقيقي بل لأن الاسترسال قد يُفتح على ما لا نريد الخوض فيه.
وليس دائمًا لأن الثقة غائبة، بل لأن التعب نفسه لا يُوصف ولا يُفهم بسهولة. فيُقال تمام أحيانًا احترامًا للمساحة وأحيانًا لأن التعب لم يعد قابلًا للتفصيل.
ولأن التكرار بات جزءًا من الإنهاك يُنهى الحديث برد مقتضب لا يعكس ما في الداخل. والمعضلة ليست في الرد بل في التوقع. فحين يُفهم الاختصار على أنه طمأنينة يبدأ الخلل. وتتحول الطمأنة السريعة إلى قناع يجعل من الصعب لاحقًا قول أي شيء بوضوح.
فتُؤخذ تمام على محمل الجد ويُبنى عليها ظن لا علاقة له بالحقيقة. لأن ليس كل من يبتسم سعيدًا ولا كل من يتحدث بثقة يشعر بها، ولأن ما يُقال أحيانًا لا يشبه ما يُعاش، وفي الحقيقة لا أحد مُطالب بالكشف الدائم ولا مُجبر على البوح… لكن الانتباه ضروري حتى لا نصنع عزلة باسم المجاملة.
فتكرار كلمات القبول لا يُنقذ دائمًا، بل قد يجعل مَن أمامك يصدقها فيبتعد ويُسقِط احتمالية وجود ما يستحق السؤال عنه. فالصمت مريح في مواقف كثيرة، لكن وجود شخص لا يكتفي بسماع كلمة عادية بل يشعر بأن خلفها شيء مختلف هو نعمة نادرة... شخص يعرف متى يُعيد السؤال بلطف، ومتى يترك لك المساحة لتتكلم في وقتك، دون أن يُلح أو يختفي. فالمشكلة لا تكمن في الكلمة ذاتها، بل في كل ما لم يُقال معها، ولا في المجاملة، بل في التعب الذي لم يجد وسيلة ليُقال كما هو.
لكن مع ذلك، تمام ليست كذبة، لكنها أيضًا ليست الحقيقة الكاملة... هي مجرد محاولة للنجاة اليومية دون الحاجة إلى شرح يُرهق أكثر مما يُريح.
فوراء الكلمات المقتضبة أحيانًا قصص طويلة وعقبات ثقيلة وقلق لا يجد ملامح واضحة ليُقال به. ويُرد بكلمة واحدة لأن الشرح مرهق ولأن السؤال المتكرر يُتعب أكثر من الصمت.
فأصبحنا نقول تمام مع أننا لا نشعر بشيء قريب من التمام. ولأن اللغة اليومية امتلأت بجمل نحفظها عن ظهر قلب نُلقيها دون مراجعة ونرد بها على كل شيء، وهذا ليس لأن المعنى حقيقي بل لأن الاسترسال قد يُفتح على ما لا نريد الخوض فيه.
وليس دائمًا لأن الثقة غائبة، بل لأن التعب نفسه لا يُوصف ولا يُفهم بسهولة. فيُقال تمام أحيانًا احترامًا للمساحة وأحيانًا لأن التعب لم يعد قابلًا للتفصيل.
ولأن التكرار بات جزءًا من الإنهاك يُنهى الحديث برد مقتضب لا يعكس ما في الداخل. والمعضلة ليست في الرد بل في التوقع. فحين يُفهم الاختصار على أنه طمأنينة يبدأ الخلل. وتتحول الطمأنة السريعة إلى قناع يجعل من الصعب لاحقًا قول أي شيء بوضوح.
فتُؤخذ تمام على محمل الجد ويُبنى عليها ظن لا علاقة له بالحقيقة. لأن ليس كل من يبتسم سعيدًا ولا كل من يتحدث بثقة يشعر بها، ولأن ما يُقال أحيانًا لا يشبه ما يُعاش، وفي الحقيقة لا أحد مُطالب بالكشف الدائم ولا مُجبر على البوح… لكن الانتباه ضروري حتى لا نصنع عزلة باسم المجاملة.
فتكرار كلمات القبول لا يُنقذ دائمًا، بل قد يجعل مَن أمامك يصدقها فيبتعد ويُسقِط احتمالية وجود ما يستحق السؤال عنه. فالصمت مريح في مواقف كثيرة، لكن وجود شخص لا يكتفي بسماع كلمة عادية بل يشعر بأن خلفها شيء مختلف هو نعمة نادرة... شخص يعرف متى يُعيد السؤال بلطف، ومتى يترك لك المساحة لتتكلم في وقتك، دون أن يُلح أو يختفي. فالمشكلة لا تكمن في الكلمة ذاتها، بل في كل ما لم يُقال معها، ولا في المجاملة، بل في التعب الذي لم يجد وسيلة ليُقال كما هو.
لكن مع ذلك، تمام ليست كذبة، لكنها أيضًا ليست الحقيقة الكاملة... هي مجرد محاولة للنجاة اليومية دون الحاجة إلى شرح يُرهق أكثر مما يُريح.