شيبة الوجوه وفتوّة الأرواح: حين لا يهرم النور
في رحلة العمر، تتغيّر الملامح وتغزو الشيب شعورنا، لكن هناك ما لا يهرم ولا تُدركه التجاعيد: أرواحنا. ففي عمق الإنسان، تسكن شعلة لا تنطفئ، تُضيء طريقه حتى حين تُثقل الأيام جسده، وتخط الزمان خارطته على وجهه.
كثيرون يقيسون الشباب بمرايا الوجوه، لكننا نراه في مرآة القلب. هناك، حيث دفء الشعور ولهفة الفكرة وضوء البصيرة، تظل الحياة نابضة، مهما تبدّلت المظاهر. فالشيب لا يسكن إلا الشعور الباردة، أما القلوب المشتعلة شغفًا، فلا تشيخ.
الزمن يأخذ من الجسد، نعم، لكنه لا يملك الحق في مسّ الكرامة، ولا في تعطيل النقاء، ولا في إخماد الشغف بالحياة. كل من أضاء قلبه بالنور سيبقى مُنيرًا، وكل من حفظ صفاءه سيصمد أمام تقلبات السنين.
ولكل من يرى في نفسه وهجًا رغم توالي الأعوام، نقول.... ابقَ كما أنت، وجهك قد شاب، لكن روحك ما زالت تُزهر. وجه أهل الوفا لا يُظهر الشيب، وقلب الكريم لا يهرم، بل يزداد نبلاً مع الزمن.
العمر قد مضى، نعم، لكنه ترك خلفه عزّةً تتعطّر بها القلوب كل يوم، ووهجًا لا يُقاس بالزمن، بل بالحضور الإنساني المضيء الذي لا ينطفئ.