المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 25 يوليو 2025
المستشار احمد السعدي - سفير غرب
المستشار احمد السعدي - سفير غرب

أهل شقراء.. حُكماءُ الصَّحراءِ وأنْجُمُها الوضّاءة

‏أهل شقراء.. حُكماءُ الصَّحراءِ وأنْجُمُها الوضّاءة، تَسْرُقُكَ منهم البَسَاطةُ قبلَ الرِّفعة، ويَأخُذُكَ كَرَمُ الضِّيافةِ قبلَ حُسنِ المَظْهَر.

‏في وجوهِهم بَصَماتُ الأصالةِ تَتَحدّث، وفي قُلوبِهم سَجَايا الكَرَمِ تَتَرَسَّخ، يُعطونَكَ مِنْ صَفاءِ البَينِ قبلَ أنْ يُعطوكَ مِنْ يَدٍ، ويَملأونَ الدَّنيا إنسانيّةً حِينَ يَملأونَ المَجالِسَ وَدًّا.

‏لَهمْ في اللّينِ حِكْمَةُ الشُّيوخِ، وفي الحَزمِ بَأسُ الأُسود، لا تَرى فيهم إلّا التَّواضعَ يَقطرُ مِنْ حَرْفِهم، وَالعِزَّةَ تَتَوهَّجُ في صَمتِهم.

‏شقراء.. لمْ تَزْرَعْ فِي أرْضِها النَّخيلَ وَحدَهُ، بلْ زَرَعَتْ في أبنائِها شَمائلَ تَفوحُ طِيبًا، فَكُلُّ حَجَرٍ فيها يَحمِلُ قِصَّةً، وَكُلُّ نَسَمَةٍ تَتنفَّسُ كَرَمًا.

‏فَإنْ كُنْتَ تَسألُ عَنْ مَعدِنِ الإخْلاصِ، فَهُمْ مَقاليدُهُ، وَإنْ بَحَثْتَ عَنْ ذُروةِ المَروءَةِ، فَهُمْ أعْلامُها..
‏لِسانُ الحالِ عَنْهُمْ يَقُولُ:
‏كَمْ مِنْ بَسْمَةٍ تَسبقُ الكَلِمَ، وَيَدٍ تَبني قَبلَ أنْ تَطلُبَ، وَقَلبٍ يَفيضُ بِالعَطاءِ كَما تَفيضُ السَّماءُ بِالغَيثِ.
‏لَقَدْ عَاشَرْتُهُمْ فَوَجَدْتُ الْحُبَّ الْخَالِصَ يَسِيلُ مِنْ دَفَاقَةِ ضُحَاهُمْ، وَالْبِشْرَ الصَّادِقَ يَرْفُلُ فِي مَجَالِسِهِمْ كَالنَّسِيمِ الْعَذْبِ.

‏هُمْ يَفْتَحُونَ لَكَ قُلُوبَهُمْ قَبْلَ دُورِهِمْ، وَيُهْدُونَكَ دَفَئَ الْوُجُودِ قَبْلَ فِنَاءِ الْقَهْوَةِ.. لَا تَسْأَلْهُمْ عَنِ الضِّيَافَةِ، فَالسَّمَاءُ عِنْدَهُمْ تَحْتَ أَقْدَامِ الضُّيُوفِ!

‏فِي حَدِيثِهِمْ رِقَّةُ الْوَرْدِ وَصِدْقُ الصَّحْرَاءِ، وَفِي صَمْتِهِمْ حِكْمَةٌ تَسْبِقُ الْكَلامَ.. شَقْرَاءُ لَمْ تَكُنْ مَكَانًا فَقَطْ، بَلْ مَزِيدُ رُوحٍ لِمَنْ أَحَبَّهَا وَأَحَبَّ أَهْلَهَا.

‏فَإِذَا كَانَ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَفْتَخِرَ بِأَصْلٍ، فَأَنَا أَفْتَخِرُ بِأَنْ كُنْتُ بَيْنَ ظِلَالِ نَخِيلِهِمْ، وَسَمِعْتُ قَلْبَ الْوَفَاءِ يَنْظُمُ أَجْمَلَ الْقَصَائِيدِ بِلُغَةِ الْإِخَاءِ..

‏لَكُمُ -يَا أَهْلَ شَقْرَاء- مِنَ الْقَلْبِ مَا يَعْجَزُ اللِّسَانُ عَنْهُ.. فَأَنْتُمْ الْجَمَالُ الَّذِي لَا يَبْلَى، وَالذِّكْرَى الَّتِي لَا تَنْسَى.
 0  0  3.2K