المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 20 يوليو 2025
أ. غازي مســـعود
أ. غازي مســـعود
أ. غازي مســـعود

زاوية الأب... حيث تُكتم الحكايات وتُرسم الابتسامات


حين ترى الأب قد اختار زاوية من زوايا المنزل، لا ليأخذ قسطًا من الراحة، بل ليصمت... فإنك لا تنظر إلى رجلٍ خائر القوى، بل إلى جبلٍ قد نحتته الحياة بضراوتها.

يُلقي ابتسامةً متعبة على وجهه، لا لتكون مشهدًا مريحًا لأطفاله فحسب، بل لتمنحهم وهم الأمان، حتى وإن كان قلبه يستصرخ تحت وطأة العجز. كم من رغبة دفينة كتمها... وكم من حلم لأبنائه أخفاه بين تنهيدة وأخرى. لا يتكلم، لأن الكلام لا يكفي لتفسير الألم، ولا يشتكي، لأن الشكوى لا تليق بمن يحمل اسم "الأب".

في عينيه حكاية فصولها كلها عن التضحية، وعن رجلٍ تخلّى عن حاجاته ليكون الحائط الذي يحتمي خلفه الآخرون. ترى أبناءه يطلبون، فلا يردهم، وإن لم يكن يملك، ترى وجهه يبتهج لأجلهم، وهو يوقن أنه سيدفع الثمن من نفسه، من وقته، من عمره، وربما من روحه.

فلله درك أيها الأب... كم تصارع الحياة لتُبقي في البيت دفء الحضور، وإن لم تُشبع البطن. كم تبتسم ابتسامة لا يشم فيها أحد وجعك، لتكون الجسر الذي يعبر عليه أولادك نحو غدٍ أقل قسوة. تلك الزاوية التي جلست فيها ليست راحة، إنها صلاة صامتة، واعتراف موجع، ومقام انتظار لا يسمعه أحد.
بواسطة : أ. غازي مســـعود
 0  0  2.0K