نسياً منسيًّا... لكنه لم يغب عن أرواح الأوفياء
يمضي بعض الناس من الحياة كما لو كانوا نورًا خافتًا في ممرّ طويل؛ يضيئون العتمة لمن حولهم، ثم يرحلون دون ضجيج، دون ذكر، دون نشيد او عبارة وداع.
يموتون وقد خدموا الوطن بصدق بخدمتهم وبأقلامهم وبفكرهم، وأسعدوا أسرهم بجهادٍهم والحقيقة منهم لا يُكتب عنه في كتب السير ولكن حتما ًتُرويه تفاصيل البيوت، وذكريات الطيبين.
هؤلاء هم المنسيّون العظام...من قدّموا الكرم بلا مَنّ
وبذلوا المآثر بلا انتظار مكافأة. وهم من جعلوا الحب عبادة، والعطاء عادة، والانتماء للوطن فطرةً لا يُزايد عليها.
ماتوا ولم تُكتب عنهم العناوين، ولم تُنشر صورهم في احتفالات التكريم.
انطفأت أجسادهم، لكن أطلالهم بقيت تحرس الذاكرة بصمت !! ومقعدٌ فارغ كان لهم، وابتسامةٌ معلّقة على جدار عمرٍ مضى.
ولم يبقَ بعد رحيلهم سوى ذاك الأثر الأبدي...!!
إن ذلك النقاء الذي يُدركه المخلصون وحدهم، في دعاء صامت، أو دمعة عابرة حين يُفتح بابٌ كان يحمل صوتهم.
من قال إن النسيان يُطفئ المجد؟ أقول له إنه يُخفيه فقط عن العابرين، لكنه سيبقى متّقدًا في أعماق كل من عاشرهم ونهل من علمهم ووفائهم وصدقهم وسعيهم!!
فلنكتب عنهم، لا لأنهم ينتظرون ذلك، بل لأننا لا نستحق صمتهم إن لم نرفع أسمائهم بالحروف وبمداد أثلامنا مرة أخرى.
لأنهم رحلوا كبارًا، ويستحقّون أن يُخلَّدوا بصوتنا نحن، لا بضوء الأضواء.
رحم الله الاوفياء وكل من رحل ولازالت مأثره تحاكينا في كل زوايا حياتنا