تيك توك . بثوث زوجية... أم مسرحيات عبثية؟
في زمنٍ صار فيه كل من يملك هاتفًا وكاميرا يرى نفسه "مُصلحًا اجتماعيًا"، اجتاحتنا موجة من البثوث المباشرة التي تتناول الحياة الزوجية وكأنها وصفة سحرية تُعدّ على الهواء، وتُقدَّم للجمهور مع قليل من التهريج وكثير من الجهل.
نتاج متابعتي في الواقع تجد أحدهم يتحدث عن "فن احتواء الزوجة" وهو بالكاد يحتوي نفسه عند أول تعليق سلبي. وآخر ينظّر في "قوامة الرجل" بينما لا يستطيع قوامة جدوله اليومي. أما ثالثهم، فيُفتي في "حقوق المرأة" وهو لم يقرأ في حياته سوى عناوين المقاطع التي يقتبس منها.
الكارثة ليست في الجهل، بل في التشدق به. هؤلاء لا يكتفون بإبداء الرأي، بل يقدّمونه كحقيقة مطلقة، ويُمارسون دور المعلم، بينما حياتهم الشخصية أقرب إلى مسلسل درامي من الدرجة الثالثة.
بعضهم يعاني من نرجسية مزمنة وواقعه هش فيرى نفسه مرجعًا ويقيس العالم على مقاس حياته
للأسف إن ما يُقلق حقًا هو تأثير هذه البثوث على عقول الشباب. والتي يُقدَّم لهم نموذج مشوّه للعلاقات المجتمعية.
حيث تُختزل الحياة الزوجية لديهم في صراعات، وتُصوَّر المرأة ككائن يجب "ترويضه"، والرجل كزعيم قبيلة في برنامج واقعي.
وفي الحقيقة ستصبح النتيجة جيل مشوش، يستهلك هذه التفاهات على أنها معرفة، ويعيد تدويرها في حياته الواقعية.!!
وهنا فليس كل من يرفع صوته يُحسن الحديث، وليس كل من يملك متابعين يستحق الإصغاء.
آن الأوان أن نُعيد تعريف "المؤثر"، وأن نُدرك أن الشهرة لا تعني القيمة. ودعونا نُحصّن عقولنا وعقول أبنائنا من هذا التلوث المعرفي، ونُدرك أن الحياة الزوجية لا تُدار من خلف شاشة، بل تُبنى على وعي و احترام بل وتجربة حقيقية.
إلى أولئك الذين يتحدثون كثيرًا ويعيشون قليلًا!!
وفروا علينا نصائحكم، فقد تعبنا من تنظيركم، ومللنا من مسرحياتكم. الحياة الزوجية أعمق من أن تُختزل في بث، وأقدس من أن تُناقش على طريقة "إكسبلوراليوم".