#السعودية لا ترى #إيران وحيدة في القطار.. بل ترى قطاراً فات أوانه
نُشرفي صحيفة الشرق الأوسط مقالٌ للإعلامي القدير عبد الرحمن الراشد بعنوان "السعودية ترى إيران وحيدة في القطار"، تناول فيه تطورات المواجهة بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى، وطرح فيه تصوراً بأن إيران باتت معزولة،
وأن بيدها وحدها مفتاح الخروج من دوامة الصراع. ورغم تقديري العميق للكاتب ومكانته الفكرية والإعلامية، فإنني أرى أن المشهد أكثر تعقيداً من مجرد عزلة طهران أو خيار "نعم" و"لا".
وفي الحقيقة أن إيران لم تُقصَ من القطار الإقليمي، بل اختارت أن تركب قطاراً يسيربها عكس الاتجاه.
فمشروعها التوسعي، الذي استنزف شعوب المنطقة وأشعل الفتن الطائفية، لم يكن يوماً مشروع تعايش، بل مشروع هيمنة.
فحين تتحدث طهران عن المقاومة، فإنها تقصد أدواتها لا أوطان الآخرين.
وحين ترفع شعار القُدس، فإنها تموّه به على مشروعها في بغداد ودمشق وصنعاء.
وفي الواقع ما شهدناه مؤخراً ليس مجرد اشتباك عابر، لكنه أيضاً ليس بداية حرب كبرى أو نهايتها.
هو فصل جديد من صراع طويل، لكنه صراع بدأ يفرز وعياً عربياً جديداً وعيٌ يرفض أن تُختطف قضاياه، أو أن يُستثمر أمنه في مزادات الممانعة.
لقد أدركت قيادات دول الخليج، وفي مقدمتهم القيادة السعودية حفظها الله، أن الاستقرار لا يُشترى بالشعارات، بل يُبنى بالتحالفات، وبالوضوح، وبالقدرة على التمييز بين من يريد السلام ومن يتقن استغلاله.
هنا فدعوة الراشد لإيران بالالتحاق بقطار المنطقة دعوة نبيلة، لكنها تفترض أن إيران راغبة أصلاً في التعايش.
وفي الحقيقة أن طهران، منذ 1980 وحتى اليوم، لم تُبدِ استعداداً حقيقياً لمراجعة مشروعها.
بل كلما اقتربت من لحظة مراجعة، لجأت إلى التصعيد.
فهل يمكن لمن اعتاد الاستثمار في الفوضى أن يتحول فجأة إلى شريك في الاستقرار؟
وليعلم العالم وكل من يشكك أن المملكة العربية السعودية لا ترى في الحرب خلاصاً، بل ترى في الدبلوماسية والردع المتوازن طريقاً لحماية المنطقة.
وهي حين تمد يدها للسلام، تفعل ذلك من موقع القوة، لا من موقع التنازل.
وإن كانت إيران جادة في الانضمام إلى مسار التعايش، فالباب أمامها مفتوح.
أما إن اختارت البقاء في عزلة المشروع الثوري، فإنها لا تقف وحيدة في القطار بل خارجه عنه تماماً.
أخيراُ أحيي الأستاذ الإعلامي النجيب عبد الرحمن الراشد على مقاله الذي يفتح باب النقاش، وأؤكد أن المنطقة لا تحتاج إلى "نهاية كل الحروب" بقدر ما تحتاج إلى نهاية منطق الهيمنة، وبداية عهد جديد من الاحترام المتبادل، والسيادة، والتوازن.