حينما يغدو الأخ خصمًا: تسقط المروءة ويصعد الحسد!!
في زمن تُبتلى فيه القيم، ما أبشع أن يتحول الأخ الذي كان سندًا وشريكًا في النشأة، إلى خصمٍ مبين تُسلب فيه المروءة وتذبل فيه العلاقات
فالأخوة ليست مجرد رابطة دم، بل وشيجة ترمم تصدعات الحياة، ودرع يحمي من قسوتها. أما أن يهدمها الحسد والغيرة، فذاك داء لا دواء له في طب ولا عرف.
الغيرة حين تتجاوز حدها تتحول إلى نقمة، تشعل العداوة وتغتال الطمأنينة. وكم من بيوت تفككت، وأرحام تقطّعت، لا لشيء إلا لأن أحدهم لم يتحمل نور أخيه، ولا إنجازه، ولا محبة الناس له. ينظر بعين النقص بدل الامتنان، ويحصي النعم على غيره نكرانًا، كأنما نجاح الآخر خصمٌ من رصيده.
والأدهى من ذلك، حين يتخذ الحاسد من "الأخوة" قناعًا، يبتسم في العلن، ويغرس السهم في الخفاء. تنقلب المساندة إلى شماتة، والتشجيع إلى تثبيط، ويغدو الإنجاز مناسبة للهجوم بدل الاحتفاء.
الحسد مرض لا يفلح فيه دواء ولا يجدي معه علاج، لأنه لا يُشفى بالمواجهة، بل يذوب فقط في قلب قادر على المحبة الحقيقية، التي تفرح لفرح الآخر وتتمنى له الخير كما تتمنى للنفس.
إن المروءة لا تنمو في القلوب الحاقدة، ولا تستوطن الأرواح التي تقايض القربى بالضغينة. والأخوة الحقّة لا تقبل أن تُقايض بمصالح أو مشاعر سوداء. فإن صار الأخ خصمًا، فلنراجع ما في داخلنا لا خارِجَنا، فقد نكون ممن سمحوا للشر أن ينبت في تربة الطمأنينة.