المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 23 يونيو 2025
سعود الثبيتي
سعود الثبيتي

عن سعود الثبيتي

عمل في خدمة الاعلام مايقارب الثلاث وثلاثون عاما في صحف خليجيه مراسل

كاتب مقالات ومحرر وصحفي في عدة صحف منها البلاد التى مكث بها أطول مدة عمل
حتى عام 1422هـ

البريد الخاص: [email protected]


مقالات / الكاتب سعود الثبيتي
https://garbnewss.blogspot.com/

http://huda-ktuah.blogspot.com/2018/02/blog-post_8.html

صيف #الطائف... حين كان العودُ يهمس والقمر يُصفق

في أعالي الهضاب الشامخة حيث يلفح النسيم وجوه العابرين برائحة الورد الطائفي، كانت الطائف في الثمانينات والتسعينات الهجرية أشبه بالحلم...

مدينة تنبض بالفن والجمال تفتح ذراعيها كل صيف لأهالي الوسطى والشرقية فتغدو مصيفاً لا يشبهه آخر.

هناك، في الشفا والهدا كانت الأصوات تصدح من فوق الهضاب الصغيرة وتنساب تلك الأنغام في الهواء الطلق وتمتزج نغمات العود مع خرير المياه المنسابة من عيون تلك الجبال.

كانت الاودية والمنتزهات الطبيعية تعج بالضحكات وتلك الشعاب المظللة بالأشجار تضج بالحياة حتى منتصف الليل.

في تلك الليالي، لم تكن الطائف تنام مبكراً فقد كانت السًهرات البسيطة تُحيى على مسرح الخشب في حي الشرقية.

حيث تصدح الأصوات وتتراقص الظلال على نغمات العود والكمان هناك، لمع نجم الشاب محمد عبده في بداياته ومعلمه صوت الأرض طلال مداح وإلى جوارهم محمد
سندي والحلواني ويحيى لبان وسعد إبراهيم الذي كان يُلقّب بـ "صوت الرياض".

أما فن المنولوج فكان ميدانه يتسع للكبار مثل الهزاع والتمامي الذين أبدعوا في تقليد الشخصيات وإضحاك الحاضرين بروح مرحة لا تُنسى.

كانت كل تلك الالحان والفنون تتغنى على المسرح الخشبي بأغاني الفن الشعبي الممزوجة بأنين الكمان ولمسة العود يتراقص فيها الحضور بلا تكلف وتتناوب الفنانون على سكب الفرح في القلوب.

أصواتٌ ربما عفي عليها الزمن لكنها لا تزال عالقة في ذاكرة من حضر وشارك وتستيقظ كلما تنفّس الطائف عطر الورد.

أما السوق القديم فكان عالماً من الألوان والروائح من الورود المجففة والبعيثران والريحان والكادي والمشبك حلاوة المواسم مع نسمات العود والعطور التي لا تُنسى.

في تلك الحقبة لم تكن الطائف مجرد مدينة بل كانت لوحةً ترسمها الذكريات وكان كل

صيفٍ فيها حكاية تبدأ بموسم ورد وتذوق فاكهته النادرة كالرمان الفريد والعنب والتين بنوعيه والبخاره الطائفية وتنتهي بعناق مودّع للغيم.

لم تكن الأجواء تُقيّد بل تُلهم فالفن كان فناً والفرح كان بسيطاً صادقاً والناس كانوا أقرب لبعضهم البعض ثم جاءت تلك الصحوة البغيضة، فاختفت النوافذ المفتوحة

وغابت المهرجانات الشعبية وانطفأ وهج ذلك المساء.

كل ذلك فالطائف لم ولن تنكسر بهجته فقد بقيت شامخة تسترجع بين حين وآخر عبر حنين زوارها أطياف المجد القديم.

الطائف ليست مجرد مدينة إنها وجدان وإن نسينا ضجيج الحياة واختفت تلك الأصوات الحالمة فإن قلبه لا يزال ينبض بالحب وينتظر المصطافين

كل عام ليحيي فيهم الفن ألأصيل من جديد ويتجدد مصدره فقد كان الفن يُبعث من أرضه ... مدينة الورد والفن والعراقة.
بواسطة : سعود الثبيتي
 0  0  899