المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الثلاثاء 17 يونيو 2025
عاشة محمد قوني - مكة
عاشة محمد قوني - مكة

وجه آخر "في حضرة التجمُّل والصمت النبيل"

في زحام الحياة وصخبها، لم تعد المشاعر العميقة تجد من يستوعبها، ولا الآلام الصامتة تجد من ينصت لها. ولأننا في عصرٍ بات فيه البوح مخاطرة، اختار كثيرون الصمت، لا عجزًا عن التعبير، بل تجمُّلًا راقيًا وتَرفّعًا عن شرح ما لا يُفهم ولا يُقدّر.

الصمت لم يكن يومًا هروبًا، بل أسلوب حياة يختاره من عايش الانكسارات بكرامة، واحتفظ بوجعه في قلبه كي لا يرهق من يحبهم. هؤلاء لا يجهشون بالبكاء على العلن ولا يُفرغون مشاعرهم في ساحات المجاملة. هم النبلاء الذين اختاروا أن يكونوا ملجأً للآخرين بينما لا ملاذ لهم سوى الله.

تُغريهم التفاصيل البسيطة ويبهجهم الاحترام ويُرهقهم الإهمال، لكنهم لا يشتكون. يفضلون الصمت لأنه أكثر وفاءً من الكلمات وأكثر قوة من التبرير وأشد وقعًا من كل ضجيج.
في ثقافة التجمُّل، لا يُفضح الألم، بل يُخاطب بين سطور الحديث، في نظرة عابرة، أو ابتسامة باهتة تَقول: “أنا بخير”، وهي تحمل ألف معنى ووجع.

هؤلاء، لا تحتاج إلى أن تسألهم كيف حالهم، بل أن تلاحظ أنهم تغيّروا رغم أنهم لم يقولوا شيئًا.
احترم صمتهم، وتقديرهم لمشاعرك، وتجمُّلهم في حضرة الخذلان. فإن كان الكلام من فضة، فالصمت في حالتهم من نُبلٍ خالص لا يُقدَّر بثمن.
 0  0  1.1K