المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 27 يونيو 2025
المهندس/ علي السليم
المهندس/ علي السليم
المهندس/ علي السليم

هنا مكة… حيث يسهر وطنٌ ليحجّ العالم



✦ حين تُضاء مكة… تُظلم الدنيا من حولها

في كل عام، ومع حلول موسم الحج، تتجه أنظار العالم الإسلامي — بل الإنساني — نحو مكة المكرمة، حيث الطهر والسكينة، وحيث يجتمع أكثر من اثنين ونصف مليون حاج من شتى بقاع الأرض، يتجردون من الدنيا، ويلبّون نداء ربهم: "لبيك اللهم لبيك".

إنه مشهد مهيب لا يُشبهه شيء في هذا الكون… مشهد تهفو له الأرواح، وتدمع له العيون، وتتجلى فيه وحدة الإسلام بأجمل صورها.

✦ عرفة… ذروة التضرّع وميدان التنظيم الأعظم

وفي مشعر عرفة، حيث يبلغ الحج ذروته، يتجمّع الحجيج في يوم مشهود، تغمرهم السكينة، وتعلو وجوههم الدموع والدعوات. وبينما تصعد الأكف إلى السماء، تتحرك الآلاف على الأرض بهدوء وانضباط، تُدير أعقد حركة بشرية سنوية عرفها التاريخ الحديث، بإشراف مباشر من الجهات المختصة في المملكة.

كل شيء يتحرك وفق خطة تفويج محكمة، تضمن لكل حاج راحته وسلامته، وسط بيئة روحانية تليق بعظمة الركن الخامس.

✦ قيادة تُؤمن بأن شرف الخدمة أعظم من أي وسام

هذا المشهد العظيم ما كان ليكتمل لولا فضل الله، ثم التوجيهات السامية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده الأمين، رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، اللذَين جعلا خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن قضية وطنية، وأولوية استراتيجية تتقدم على كل شيء.

من أعلى هرم القيادة إلى أصغر متطوع، تجد وطنًا بأكمله قد أوقف عقارب ساعته لخدمة الحجيج، بعزيمة لا تلين، وبإيمان أن ما يُقدَّم هنا هو رسالة قبل أن يكون خدمة.

✦ جيش بلا سلاح… يسهر ليهنأ الحاج

آلاف من رجال الأمن، والأطباء، والكشافة، والمتطوعين، والعمال… يبيتون بلا نوم، ليوفّروا للحجيج نومًا آمنًا وراحة مستقرة. ينتشرون في الحرم، وفي المشاعر، وعلى الطرق، وفي المخيمات، كخلية نحل لا تتوقف.

هؤلاء الجنود المجهولون لا تظهر أسماؤهم، لكن الله يعرفهم، والحجيج يدعون لهم، والميدان يشهد بأنهم كانوا عنوان العطاء الصامت.

✦ مكة وسكانها… شركاء في الخدمة

ولأن مكة لا تحتضن الحجاج وحدهم، بل يسكنها أكثر من ثلاثة ملايين إنسان، فإن عظمة الإنجاز تتضاعف. فهؤلاء السكان يشاركون الحجاج الطرق، والكهرباء، والمياه، والاتصالات، والخدمات… ومع ذلك لا يشعر أحد بخلل ولا توقف. إنها معجزة تشغيلية تتكرر كل عام، وتزداد كفاءة بمرور الزمن.

✦ وكل عام… يدهشنا الجديد

وكل سنة تأتي، نجد ما يثير الإعجاب من كل زاوية. توسعات مهيبة في الحرم والمشاعر. تقنيات ذكية تُسخّر لخدمة الحاج، من الترجمة الفورية إلى الذكاء الاصطناعي، إلى أنظمة الأمن الرقمي والمراقبة الذكية، إلى الخدمات الصحية والنقل السريع، والروبوتات التي تقدم الفتاوى والمياه والطعام.

بل إن التخطيط السعودي للحج لم يعد رد فعل للزحام، بل تخطيطٌ استباقي يُبنى على الدراسة الدقيقة، والخبرة التراكمية، والرؤية الاستشرافية.

✦ وفي مقابل هذا الجهد… ضجيج لا يُعكّر النور

وبينما تنشغل بعض الأصوات بالتقاط الأخطاء وتضخيم التفاصيل، هناك من يرى المشهد الكامل: ملايين من الحجاج، يخدمهم مئات الآلاف من الرجال والنساء، تُدار حركتهم بلا توقف في مساحات ضيقة وزمن قصير، ومع ذلك لا تُغلق عين، ولا يُغلق طريق.

ما تقوم به المملكة في موسم الحج هو ملحمة وطنية تُدرّس، لا حدث يُنسى.

✦ من مكة… تُكتب القصة ويُصنع المجد

إن ما يجري اليوم في مكة والمشاعر ليس مجرد موسم ديني، بل هو امتحان حضاري تُثبت فيه المملكة للعالم أن الدين حين يُدار بحكمة، والإدارة حين تتكئ على النية والجدية، فإن النتائج تكون بمستوى السماء.

وهنا، في مكة… حيث يسهر وطنٌ ليحجّ العالم، تُكتَب أعظم صفحات الوفاء، وتُرسم أسمى معاني الشرف، ويُقال للدنيا كلّها: هكذا نخدم ديننا، وهكذا نصون مقدساتنا، وهكذا نصدر للعالم وجهًا مشرقًا للإسلام الحقيقي.

✦ تهنئة من القلب

ومن هنا، أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، رئيس مجلس الوزراء، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإلى كل جنودنا البواسل، وإلى الأمة الإسلامية جمعاء، بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات.

وكل عام وأنتم بخير.
بواسطة : المهندس/ علي السليم
 0  0  4.5K