حين اعترف الضفدع بقباحته… فتجمّل في أعيننا!
لماذا أصبح الضفدع رمزًا للصدق بعد أن كان رمزًا للقبح؟
منذ نعومة أظفارنا، تسللت إلى وعينا صورة نمطية بسيطة لكنها غائرة الأثر:
"الضفدع حيوان قبيح!"
لم يُجادل أحد في ذلك، ولم يُنكر الضفدع نفسه ما رُسم عنه… بل قالها دون مواربة:
"نعم، أنا قبيح المنظر!"
لكن المفارقة العجيبة ليست هنا، بل في أننا ومنذ أن صدَق الضفدع في اعترافه… لم نعد نشبّه أحدًا به.
وهنا يبرز سؤال اجتماعي رمزي: لماذا توقّفنا عن ربط صورة الضفدع بالقبح في أحاديثنا ومقارنتنا؟
مرآة الضفدع… تكشف وجوهنا نحن
ما فعله الضفدع يُمثّل أرقى درجات التصالح مع الذات، بل هو أقرب إلى الصدق مع النفس، وهي فضيلة نادرة في زمنٍ يتقن فيه الكثيرون تغليف عيوبهم وتزييف حقيقتهم.
الضفدع لم يُجمّل حقيقته، لم يختبئ خلف قناع، لم يُمارس الإنكار أو الإسقاط على الآخرين.
في المقابل، نرى بيننا من يُنكر عيوبه ويُتقن التبرير:
من يتشدق بالحكمة ويُخفي الجهل،
من يتظاهر بالرحمة ويطعن في الخفاء،
من يتبجح بالمبادئ وهو أول من يبيعها عند أول مصلحة.
الضفدع لم يُخدعنا قط… أما نحن، فقد نُتقن الخداع حتى نصدق أنفسنا!
الاعتراف لا يُعيب… بل يُعلّي
في الثقافة الإنسانية، لم يكن الاعتراف بالعيب يومًا ضعفًا، بل هو الخطوة الأولى في طريق الارتقاء الذاتي.
حين نُواجه أنفسنا بنقاط ضعفنا، لا نسقط… بل نرتفع.
حين نقول "أنا مخطئ"، نكسر جدار الكبرياء ونبني جسور الوعي.
وحين نتوقف عن مقارنة الآخرين بقُبحنا، نبدأ رحلة التجمُّل من الداخل.
الضفدع لم يتغير شكله، لكنه تغيّر موقعه في وعينا.
صار رمزًا للنقاء… لا للسخرية.
وصار عنوانًا للصدق… لا للقبح.
ومضة الختام
الضفدع، الذي سخر منه الجميع، صار أصدق من كثير من الوجوه المُزيّفة.
ولأن الاعتراف شجاعة، والصدق جمال،
فقد غفرنا له قُبح مظهره… وتمنّينا أن نُشبهه.