المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 27 يونيو 2025
المستشار خميس السعدي
المستشار خميس السعدي

حج القرن الـ 21: النية في قبضة الخوارزميات؟




في مكة المكرمة، أصبح لا يدخل أحد إلا بإذن. وإن دخل، فإما أن يُكتب له الحج، أو يُسجَّل عليه التعدي.

هذا العام، لم تكن الكاميرات تراقب فقط الدخول من المنافذ، بل ترصد أنماط التحايل. فالخوارزميات لم تعد تحصي عدد المخالفين، بل تحاصر أساليب التملّص عبر تحليل السلوك غير المألوف.

أكثر من ٥٠٠ ألف مخالف، والرقم يرتفع، لكن السؤال يهبط بثقله: من الذي علّم الإنسان أن يُراوغ في رحلة غفران؟
السلطات أعلنتها صريحة: من حج دون تصريح، فقد تم القبض عليه، والعقوبة ليست فقط جزاءً على المخالفة، بل تهدف إلى ردع التكرار. ترحيل، غرامات، منع دخول لعشر سنوات... ولكن هل هذا كافٍ؟ أم أن التقنية بدأت تؤدي دور "الخطيب"؟

تغيّرت مواسم الحج ولم تعد كما نعرفها. الطريق إلى منى يمر عبر منصة، والمبيت في مزدلفة يُقاس فيه ليس فقط "حرارة الإيمان"، بل أيضًا درجات حرارة الجسم. روبوت يتحقق من حالتك الصحية، وبطاقة ذكية تحدد موقعك، رفيقك، والسبب. أصبحنا نحجّ بذكاء اصطناعي، ونُسأل على بوابة مكة: "هل نيتك مشفّرة... أم مفتوحة المصدر؟"

هذا التحول، الذي يهدف إلى ضمان سلامة ملايين الحجاج وتيسير رحلتهم، هو انعكاس مباشر لجهود المملكة في توظيف أحدث ما توصلت إليه التقنية، انسجامًا مع رؤية 2030 التي تضع خدمة ضيوف الرحمن في صميم أولوياتها، ساعيةً لتقديم تجربة حج منظمة عالميًا.

ومع ذلك، لا تزال الكعبة كما هي، "صامدة في وجه التقنية" في القرن الـ 21. لا تتزين بشاشات، ولا تلهث خلف البصمة. الطواف كما هو، والسعي كما هو، لكن من تغيّر... هو الحاج نفسه.

الحج ليس فقط "رحلة عبور نظامي"، بل موسم يُظهر من احترم الطريق، ومن اختصره بلا إذن. في موسم كهذا، التقنية لم تعد تخدم الحجاج فقط، بل تضمن عودتهم إلى أوطانهم بسلام وأمان.
بواسطة : المستشار خميس السعدي
 0  0  1.8K