المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 6 يونيو 2025
أحمد الزهراني - الشرقية
أحمد الزهراني - الشرقية

أبي لم يقل وداعًا



لم يغلق الباب خلفه، لم يلتفت، لم يودّعنا… فقط مضى.

مضى كما يرحل الكبار، بهدوء يشبه طِيب قلبه وكرمه، وصمته الذي كان أبلغ من الكلام. لم يأخذ شيئًا معه، حتى اسمه تركه لنا، يحمل سيرة طيبة نعتز بها، نرويها كلما تاهت بنا الحياة وضاقت بنا الأيام.

كان أبي مدرسة في الصبر وبوصلة للحكمة، لم يكن كثير الحديث، لكنه علّمنا أن الرجولة مواقف، وأن الأخلاق دين، وأن الكلمة الطيبة تُعاش قبل أن تُقال. نحن اليوم نحمل ملامحه في أصواتنا، وطيبته في ردود أفعالنا، وحنانه في طريقة عتابنا، كأن روحه لم تغب، فقط توزعت فينا.

ما أصعب أن تكتب عن أبيك بصفة الغائب، وما أوجع أن تناديه بالدعاء لا بالنداء. لكنه، حتى في الغياب، كان حنونًا، لم يتركنا في فراغ بل تركنا ممتلئين به، محفوفين بذكراه، تاركًا خلفه أبناءً يحملونه في صلاتهم، في أمانتهم، وفي تعاملهم مع الناس، وكأنه لا يزال بينهم، يربّت على أكتافهم في الحزن، ويبتسم في دعواتهم كل فجر.

رحمك الله يا أبي، وأسكنك الفردوس الأعلى. لم تكن مجرد أب، بل كنت وطنًا، وأمانًا، وسقفًا لا يهتز. ستظل، ما حيينا، الحاضر الذي لا يُنسى.

وآخر كلامي أقول:

راح الذي كانت خطاه أمان عمري
وغيابه كسر في القلب ما له جبره
ما ودّع ولا قال أمان الله لدهري
تركني وراح وصوته بقلبي عمره
 0  0  3.1K