وداعًا أيتها الأميرة النائمة
في صباح الجمعة، ثالث أيام ذي الحجة، غادرت أختي نايفة الدنيا بهدوء. كنتُ بجوارها حين أغمضت عينيها بلا رجعة، وعندها توقّف قلبها إلى الأبد.
ناديتها:
"ردي عليّ يا نايفة… لا تتركيني وحدي."!!
لكن الصمت كان الإجابة الوحيدة. صمتٌ ثقيل لا يقطعه سوى صوت جهاز القلب الذي توقّف عن العمل.
جلستُ بجانبها نصف ساعة، أتأمل ملامحها الهادئة بعد أن تيقّنت من رحيلها. اجتاحني الحزن والذهول، وحين حاولت إخبار زوجها وأبنائها وإخواني، خانتني الكلمات. لكنهم ما لبثوا أن علموا، فجاؤوا جميعًا.
أصرّ زوجها أن يكون وداعها الأخير في مكة، أن تُغسّل هناك، ويُصلّى عليها في بيت الله الحرام، ثم تُدفن في مقبرة الشهداء. رافقناها إلى هناك، حيث اختتمت رحلتها في أطهر بقاع الأرض.
رحلت نايفة وهي "مبطونة"، فقد نال منها السرطان طويلًا، لكنه لم ينل من صبرها. كانت تواجهه بابتسامة صافية، وتردد دائمًا:
"الحمد لله… أسأل الله الفردوس الأعلى.
حين غسّلتها المغسّلات، كنتُ معهن. وصفنها وكأنها "الأميرة النائمة"، كأن المرض لم يمسّها قط: وجهها مشرق، عيناها نصف مفتوحتين، وابتسامة هادئة تزيّن ملامحها. حتى شعرها وحاجباها ورموشها ظلّت كما هي، كأن العلاج الكيماوي لم يقترب منها يومًا.
سألت إحداهن بدهشة؟؟؟!!
هل كانت مصابة بالسرطان حقًا؟ هل خضعت للعلاج الكيماوي؟
أجبتها، وقلبي ممتلئ بالإيمان: نعم… لكنها كانت تدعو دائمًا أن يرزقها الله وجهًا جميلًا عند لقائه، فاستجاب الله دعاءها.
يا صغيرتي نايفة… بإذن الله أنتِ شهيدة، رحلتِ إلى الرحمن الرحيم. دموعنا عليكِ لأن الفراق صعب، لكننا مطمئنون برؤية حسن خاتمتك. كنتِ طيبة الذكر، لا تؤذين أحدًا، والجميع يشهد لك بالخير.
حزننا ليس إلا على فراقك، أما دعائي فدائم: أن نجتمع في الفردوس الأعلى، أنا وأنتِ، ووالدينا، وابنتي شهد.
رحمك الله يا نايفة، وجعل قبركِ روضةً من رياض الجنة.