المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
السبت 24 مايو 2025
محمد عطية الشرقي - إدارة التحرير والنشر
محمد عطية الشرقي - إدارة التحرير والنشر

حجٌ بلا تصريح .. حجٌ آثم

أياماً معدودات وتستقبل البِقاع الطاهرة بأرضِ مكةَ المُكرمة ضيوف الرحمن قاصدي فريضةَ الحج، لأداءِ مناسكهم، من بقاع الأرض قاطبةً، جماعاتٍ وأفرادًا، من قاراتٍ وأقاليم ودول ومُدن مُختلفة ، تجمعهم في آنٍ واحد عُرى الإسلام القويم وقواعد الدين القيّم، حيثُ شرف الزمان والمكان، حين تجتمع الفضائل وتتحقق من المنافع ، والله تعالى يقول:( لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ)، فمن أسمى هذه المنافع وتلكم المقاصد التعارف والتقارب والتآلف والتآخي والتواصل والتواد بين المؤمنين، إذ يتحقق بها نقاء القلوب وصفاء النفوس، لتقوى عزيمتهم وتجتمع كلمتهم ويتحدُ صفهم وتشتدُّ اخوتهم الإيمانية امتثالاً لقول الحق:(واعتصموا بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)، ويقول سُبحانه:( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ ۚ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)، مُستشعرين بذلك عظم هذه العبادة الجليلة رُكن الحج الأكبر الذين جاءوا إليه من كل حدبٍ وصوب بمختلف لُغاتهم وألوانهم وعقائدهم وانتماءاتهم لينالوا أجرها ويقطفوا ثمارها، ويجمعوا آثارها، وذلك مِصداقاً لقول الله تعالى:( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)، وقوله تعالى:(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، حاملين على كفوفهم مشاق ومتاعب رحلة السفر، عابرين عباب البِحار، ومُحلقين السماء، وقاطعين بها المسافات الطِوال، أياما وساعات، بل قد تكون أشهرا وسنوات، لتهنأ أرواحهم حين تحط رِحالهم في البيت العتيق، ثم تُروى تلك الأرواح المُتعطشة بقطرة ماء زمزم، تلكم البئر المُباركة، ليتفرغوا بعدها إلى تغذيةَ أرواحهم الغذاء الإيماني، وتبدأ من هُنا رحلة أُخرى، رحلة الحج الكُبرى، رحلة العُمر، حين يتحقق الاستقرار الرُوحي بالأمن والأمان والسكينة والاطمئنان، لـ تبدأ إذًا الرحلة من هُنا؛ ولتُحقق كافة أركان الحج وواجباته، لتبدأ رحلة الحج الأكبر قبل وصولك الميقات، وقبل التجرد من المخيط ، وقبل الإهلال بالنُسك، تبدأ الرحلة باستشعار المسؤولية واتباع الأنظمة المنظمة لهذه الشعيرة العظيمة ومن أهمها (تصريح الحج)، به تبدأ رحلتَكَ بأمن وأمان وسكينة واطمئنان، ودونه لا تتحقق منافع الحج ومقاصده ، بل لربما تأثم نفسك، وينقص أجرك، وقد حرصت الدولة المُباركة -حرسها الله- على كافةَ الحجاج من داخل البِلاد وخارجها، مواطنين ومُقيمين، على استخراجه لضمان حجٍ آمن ومُطمئن، بحريص كبير من لدُن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أيّده الله- وبمُتابعة حثيثة من لدن ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وبإشراف ومُتابعة مُباشرة من لدن صاحب السمو الملكي مُستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل ،ومُباشرة ميدانية ومُتابعة لحظية من سمو نائبه الأمير سعود بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود -حفظهم الله- لتكتمل مسوغات هذه الرحلة الإيمانية وتبدأ أُولى خطواتها بلبسك الإحرام ثم مبيتك في مشعر منى، ثم وقفتُكَ ووقوفك بين يدي الله تعالى في صعيد عرفة الطاهر، والحجُ عرفة، حيثُ تسكب العبرات، وتُرفع الدعوات، وتتنزلُ الرحمات في تلكمُ الساعات، وتلك الوقفات التي يقفها المؤمن الحاج مُنادياً داعياً سائلاً ربه، هي لحظات وإن كانت ساعات، فإنها تمرُ مرار الكِرام، على أُولئك المؤمنين الآمنين، الذين حققوا وتحققوا من الأركان والواجبات الشرعية والتنظيمية.
أيها الحاج المبارك: الذي نهاك عن لبس المخيْط وتجاوز الميقات بلا إحرام هو الذي نهاك أن تعصي ولي الأمر. فهل ترضى لنفسك أن تأخذ من الدِّين ما تهوى فقط؟
تأملوا في العواقبِ السيئةِ للحج بلا تصريح من زيادةِ الأعداد التي تخرجُ عن الطاقة الاستيعابية للحرم والمشاعر، وتَعَرُّضِ الحجاجِ للتزاحمِ والتدافعِ وضرباتِ الشمسِ والموتِ بسبب ذلك. تأمّلوا في آثارِها على الخدماتِ الأمنيةِ والصحيةِ حين يتجاوز القادمون للحج العددَ الذي قدّرته الدولةُ بناءً على الإمكانات المتاحة.
إن هؤلاء الذين يحجون بلا تصريح يقعون في مآثمَ كثيرة:
منها معصية الله ورسوله ﷺ، ومعصيةُ وليِّ الأمر، ومنها الكذبُ، والخداعُ، وتركُ بعض واجباتِ الإحرام، وارتكابُ بعضِ محظوراته، كلُّ ذلك عن عمد، وقد قال النووي رحمه الله: ” ” ورُبَّمَا ارْتكَبَ بعضُ العَامةِ شيئاً من هذه المُحرَّمات وقال: أنَا أفْتدِي مُتوهِّماَ أنهُ بالْتزِام الْفِدْية يَتَخَلَّصُ مِنْ وَبَال المعصية وذلك خَطَأ صَريحٌ وجَهْلٌ قَبيح..ومَنْ فَعَلَ شيئاً مما يُحْكَمُ بتَحْريمه فقد أخْرَجَ حَجهُ عن أنْ يكونَ مَبْروراً” انتهى كلامه.
وبذلك يُعلم أن الحجِّ بلا تصريحٍ إضرارٌ بالنفسِ في الدنيا والآخرة، وأذيةٌ عظيمة للمسلمينَ في الشهرِ الحرامِ والبلدِ الحرام، وتذكروا أيضاً أنَّ من يعين المخالفَ عن علمٍ وعمدٍ فهو شريكه في الإثم والخطيئة.
الحجاج بلا تصريح خالفوا بذلك تعاليم الشريعة الإسلامية وتعليمات الأنظمة السعودية، وذلك وفقاً لما جاء في بيان هيئة كِبار العلماء في المملكة العربية السعودية والذي ينص على أنه:" لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح ويأثم فاعله لما فيه من مخالفة أمر ولي الأمر الذي ما صدر إلا تحقيقاً للمصلحة العامة، ولا سيما دفعوا الأضرار بعموم الحجاج وإن كان الحج حج فريضة ولم يتمكن المكلف من استخراج تصريح الحج فإنه في حكم عدم المُستطيع، قال الله تعالى:( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) وقال سُبحانه:( وَلِلَّـهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلً)، أنتهى نص البيان.
إذاً ينبغي لـ ضيف الرحمن بعد قراءته لبيان العُلماء أن يستشعر ويدرك عظم هذه المسؤولية، وعواقب مُخالفتها وخطورة تجاوزها، والواجب على الحجيج أن يتمسكوا بتعاليم الشريعة وتعليمات أنظمة الدولة بما نصت عليه الأحكام الشرعية والأدلة القرآنية والأنظمة والقوانين السعودية بمنع الحج بلا تصريح، عاملين بقول الله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)، وقوله سُبحانه:( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ)، إذًا فلنحرص ونُشدد ونؤكد على الالتزام بكافة مقاصد الحج الشرعية وتعليمات الدولة التنظيمية وتوجيهات القيادة الرسمية والصادرة أيضًا من الجهات الحكومية والأمنية والرسمية بما يُحقق رحلة حجٍ إيمانية آمنه، وإن من منطلق وطنيتنا وصميم مهنيتنا وما تُحتّمه علينا واجباتنا تجاه حقوق بلادنا، فإننا اليوم وكل يوم جميعاً رجال أمن ودولة لهذه البِلاد المُباركة ، نحرس حِماها ونحمي مُقدساتها ونحفظ استقرارها ممن يُحاول العبث بتجاهل وتجاوز أنظمتها وتعليماتها وقراراتها كالحج بلا تصريح، أو زعزعةَ أمنها ونشر الفوضى والتشويش والبلبلة، في مشاعرها المُقدسّة وإننا يدًا واحدة، وسدًا منيعاً مع قيادتنا الرشيدة الأبيّة المُباركة، ووطننا ورجال أمننا الأشاوس ضد من يُفكّر ترويع الحجاج الآمنين، ويُحاول إثارة القلاقل والفتن والنعرات والنزاعات والخلافات ورفع الشعارات السياسية والمذهبية والطائفية، واستغلال المشاعر سياسياً وحزبياً لإفساد المنافع والمقاصد الشرعية المُباركة، ونؤكدُ جزماً إن بلادنا لا تقبل ولن تقبل أي تصرفات من شأنها أن تعكر صفو الحج وسكينته والحجاج واطمئنانهم، وإننا والله لن نخشى في الله لومةَ لائم في حفظ أمن وسلامة ضيوف الرحمن، حجاج بيتِ الله الحرام بل ونسعى جاهدين مع ولاة أمر هذه الدولة المُباركة في خدمتهم وتمكينهم لأداء مناسكهم بيسر وسهولة، وتقديم مُختلف الخدمات الإنسانية والأمنية والصحية والدينية والاجتماعية، وجعلها كأولوية أُولى، وتيسير وتسهيل كافة إجراءاتهم، ليتمكنوا من أداء مناسكهم بأمن وسلام وراحة واستقرار، ليعودوا إلى بُلدانهم وأوطانهم سالمين غانمين، في روحانية هذه العبادة العظيمة، وعبق الذكريات الجميلة.
 0  0  1.5K