ملحمة خدمة ضيوف الرحمن
السعودية تُبدع في إدارة قدسية الزمان والمكان:
في كل عام، وبينما تتوجه قلوب الملايين نحو بيت الله الحرام، تسبقهم المملكة العربية السعودية بخطى واثقة نحو ميدان الشرف والمسؤولية. فالحج في المملكة ليس مجرد حدث موسمي، بل ملحمة وطنية تُكتب بأيدي أبناء هذا الوطن، قيادة وشعبًا، بروح الإيمان، وبأعلى معايير الاحتراف والكفاءة.
برغم التحديات الزمنية، وضخامة الأعداد القادمة من الداخل والخارج، باختلاف لغاتهم وأعمارهم وظروفهم الصحية، تستعد المملكة العربية السعودية هذا العام 1446هـ / 2025م لاستقبال أكثر من مليوني حاج، ويواكبه أكثر من 300 ألف من مقدمي الخدمات في شتى المجالات، يتحركون بانسيابية مع الحجاج، ويشكلون مظلة متكاملة من الرعاية والتنظيم.
هذه الجهود الجبارة تأتي في ظل توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – وبإشراف مباشر من سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز – أيّده الله – اللذين أكّدا أن خدمة الحاج شرف، وموسم الحج مسؤولية وطنية تُدار بأعلى درجات الدقة والتكامل.
منظومة وطنية لا تهدأ
منذ لحظة استقبال أول حاج على أرض المملكة، تتحرك الجهات كافة بتناغم لا يُضاهى. من وزارات الداخلية، الصحة، الحج والعمرة، والنقل، إلى هيئة تطوير مكة، والدفاع المدني، والأمانات، وفرق العمل التطوعي… الكل يعمل ليلًا ونهارًا، مدفوعين بعقيدة واحدة: أن خدمة ضيوف الرحمن عبادة وشرف وواجب.
ذكاء اصطناعي وتحول رقمي في خدمة الحج
تماشيًا مع رؤية المملكة 2030، وظّفت الجهات المختصة تقنيات الذكاء الاصطناعي، والتطبيقات التفاعلية متعددة اللغات، والأساور الذكية، وأنظمة التفويج الإلكتروني، لتسهيل تحركات الحجاج، ومراقبة الحشود، وضمان وصول الخدمات في الوقت والمكان المناسبين، بما يضمن أعلى درجات الأمان والانسيابية.
الإنسان أولًا... قبل التقنية
الأروع في هذه المنظومة أن التقنية لم تُلغِ اللمسة الإنسانية. بل على العكس، فقد تم تخصيص خدمات ميدانية لكبار السن، والمرضى، وذوي الإعاقة، وتوفير مسارات خاصة وإرشاد بلغات متعددة، إلى جانب فرق تطوعية تنتشر في كل زاوية، تسأل: "هل تحتاج شيئًا؟" قبل أن يُطلب منها ذلك.
من الإيمان إلى الإنجاز... وماذا بعد؟
مع كل موسم حج، يتجدد السؤال: وماذا بعد؟
والإجابة: أن المملكة لا تكتفي بإدارة موسم الحج، بل تُقدّمه للعالم نموذجًا في التوازن بين قدسية العبادة وكفاءة الإدارة. نموذج يؤكد أن الحج في السعودية ليس مهمة حكومية، بل مسؤولية أمة، تؤديها المملكة بامتياز وبتجديد متواصل.
وفي الختام:
بين المشاعر المقدسة، وفي قلب الزمان والمكان، تُسطّر المملكة العربية السعودية ملحمة سنوية لا تُشبه غيرها. ملحمة تختلط فيها دموع الإيمان بابتسامة الخدمة، وتلتقي فيها أصوات التلبية مع همسات العطاء، لتبقى السعودية – كما هي دائمًا – موطن الحرمين، وقبلة الإنسانية، ومهوى القلوب، وميدان الإنجاز العظيم.