المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 12 مايو 2025
المستشار خميس السعدي
المستشار خميس السعدي

هوية تحت المجهر الرقمي: هل يُعيد السوق والمؤثرون تشكيل ثقافتنا ؟!



طوفان… هدير… فوضى رقمية تجتاح الوعي عنوة!
مؤثرون هنا، مؤثرون هناك، مؤثرون في كل زاوية… وكأن القضية لم تعد مجرد تأثير فردي، بل إعادة صياغة جذرية للهوية الثقافية، مدفوعة بالسوق، والتسويق، والقوة الناعمة التي تُعيد برمجة الذوق العام دون أن يشعر أحد.
لكن هل نحن أمام تغيير طبيعي في الذوق العام، أم أن المؤثرين أصبحوا بيادق تجارية تقود عملية مسخ الهوية الثقافية بغير وعي؟
في دراسة أعدتها الباحثة أشواق السليهبي بعنوان "سيميائية الهوية الثقافية السعودية"، أكدت أن الهوية لا تُبنى عبر حملات التسويق، بل عبر الرموز والممارسات الاجتماعية المتجذرة في التاريخ.
ومع ذلك، نجد أن المؤثرين يعبثون بهذه الرموز، يسلخونها من سياقها الثقافي العريق ويحولونها إلى سلعة مبتذلة. هل نحن أمام تسويق للهوية، أم محاولة لهندسة ثقافية قسرية وفق نموذج جديد؟
وفي دراسة أخرى حول استخدام الشباب السعودي لمواقع التواصل وعلاقته بتشكيل الهوية الثقافية لديهم، أعدتها الباحثة مها محسن معشي، تكشف حقائق أكثر وضوحًا، فالجمهور نفسه يرى أن هذه المنصات تؤثر على إدراك الهوية دون أن يكون هناك إطار يحكمها. البعض يرى أن هذا جزء من تطور طبيعي، بينما يرى آخرون أن الهويات المحلية تُعاد برمجتها لصالح نموذج أكثر عالمية وأقل أصالة.
مودانيسا مثال حي لهذا التحول، لم تكتفِ العلامة التركية بالترويج لأزيائها، بل قامت بتوظيف مؤثرين سعوديين لتعديل مفهوم المحتشم داخل السوق السعودي. هل هذا مجرد نجاح تسويقي؟ أم أن الجمهور بدأ ينقاد إلى أنماط دخيلة دون أن يعي انزلاقه نحو التخلي عن الأسس التقليدية؟
هل يمكن اعتبار المؤثرين مجرد قنوات إعلانية تعمل لصالح السوق، أم أنهم أصبحوا أدوات لهندسة ثقافية قسرية للواقع؟ وفقًا لدراسة مها محسن معشي، يرى الجمهور أن المؤثرين ليسوا مرآة للواقع، بل مهندسون له وفق أجندة المعلنين، فهل يُعاد تشكيل الهوية وفق اختيارات الجمهور، أم وفق ما يفرضه رأس المال؟
بالمقابل لابد من الإشارة والتأكيد على أن المواسم السعودية وبعض الشركات الوطنية قدمت سردية وطنية في حملاتها التسويقية عززت الانتماء وواكب التحولات وفقا للرؤية الطموحة 2030، وهو ما يجعل المؤثرون أمام خيار: الاستهلاك أم التأثير ذو القيمة الحقيقية؟
إذا كان كل شيء في العصر الرقمي خاضعًا لإعادة التعريف، فهل يمكن للهوية الثقافية أن تبقى خارج هذه الدائرة؟ المستقبل لن يكون للأكثر متابعة، بل لمن يملك الجرأة ليطرح السؤال الحقيقي: هل الهوية تُعاد صياغتها وفق إرادة المجتمع، أم أنها تُباع لمن يدفع الثمن الأعلى؟
بواسطة : المستشار خميس السعدي
 0  0  1.5K