المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الجمعة 25 أبريل 2025
طارق محمود نواب _ سفير غرب
طارق محمود نواب _ سفير غرب

لا تنزعج من أعدائك

مَن لا أعداء له؟ مَن يمضي في عمله بلا تحديات، وبلا مقاومة، وبلا من يحاول عرقلته؟ وإن كان هناك ما هو كذلك، فهو لم تُختبر قوته الحقيقية بعد. ولم يُجبر على أن يكون أكثر ذكاءً، وأكثر حذرًا، وأكثر دهاءً في تحركاته. فهو لم يضطر إلى تطوير مهاراته الدفاعية والهجومية، ولم يعرف بعد كيف يتحرك في ميدان مليء بالفرص والمخاطر في الوقت نفسه. فبدون أعداء، قد يصبح هشًّا نفسيًا دون أن يدرك، ويتأثر بأي كلمة، ويهتز أمام أي انتقاد، ويتوقف طويلًا عند أي نظرة غير مريحة أو رسالة إلكترونية لم تأتِ بصيغة تعجبه.
لكن حين يكون لديك أعداء، فأنت تملك كورسًا مكثفًا في الصلابة النفسية. فتجد نفسك تفكر مرتين قبل أن تخطو، وتزن كلماتك بحكمة، وتراقب المشهد من زوايا لم تكن تلتفت إليها سابقًا. فتتحول من شخص يسير بلا اكتراث إلى لاعب محترف يعرف أن كل حركة تحسب، وكل قرار إما أن يدفعه للأمام أو يجعله هدفًا سهلًا،فلا مجال للضعف، ولا وقت للانهيار عند أول مشكلة. ولذلك، فوجود الأعداء حولك يجبرك على أن تكون أقوى، ليس برغبتك، بل بحتمية المعركة.
وإن فكرت في الأمر على نطاق أوسع فالأشخاص الذين لا يعيشون في وهم السلام الدائم لا يتركون أنفسهم مكشوفين. فهم يتسلحون، ويستعدون، ويدرسون احتمالات الخطر، ليس لأنهم يتوقعون الحرب غدًا، ولكن لأنهم يدركون أن الاستعداد المستمر هو مفتاح البقاء. وأنت كذلك، حين تدرك أن هناك من يحاول إيقاعك، ستجد نفسك تلقائيًا تبني دروعك الخاصة... دروع من المعرفة، والمهارة، والمرونة، والقدرة على التكيف مع أي ضربة غير متوقعة. وستصبح مدججًا ليس فقط بقدرة على الدفاع، بل أيضًا بهجوم ذكي يجعلك تتقدم مهما حاول الآخرون إيقافك.
والمفارقة هنا أن أعداءك لا يكتفون بجعلك أكثر صلابة، بل يدفعونك أيضًا لأن تكون أفضل، فأنت لا تتحسن لتُرضيهم، ولا تتطور لتثبت لهم شيئًا، بل لأنك ترفض أن تكون فريسة سهلة، ولأنك تؤمن بأن النجاح الحقيقي ليس في تجنب الأعداء، بل في التعلم من وجودهم واستغلاله لصالحك.
لهذا، حين تكتشف أن لديك أعداء، لا تنزعج ولا تتضايق ولا تفكر فيهم كعقبة، بل كإشارة على أنك في المكان الصحيح، وتلعب في المستوى الصحيح. وهذا وحده سبب كافٍ لتبتسم وأنت تكمل طريقك أقوى مما كنت، وأذكى مما ظننت، وجاهزًا دائمًا لما هو قادم.
 0  0  2.7K