رحمك الله تعالى ياشيخ القراء
الحمد لله على كل حال وهذه سنة الله تعالى (إنك ميت وإنهم ميتون)نعم (كل نفس ذائقة الموت..) فلقد رحل علم من أعلام القراءات في مكة المكرمة بل في العالم الإسلامي الشيخ المقريء عبدالمالك سلطان
عن عمر يناهز الثمانين عاما فأسأل الله تعالى له الرحمة والمغفرة وأن يجعل القرآن نورا له في قبره وشفيعا له إنه ولي ذلك والقادر عليه.
لقد تشرفت بالتتلمذ على يدي شيخنا عبدالمالك رحمة الله تعالى عليه في جامعة أم القرى وفي مسجده الذي كان يقريء فيه واستفدت كثيرا منه في القراءة والتجويد ونلت شرف ثنائه على قراءتي عليه ولله الحمد من قبل ومن بعد
ولا أنسى تشجيعه وحرصه رحمه الله تعالى لي بالاهتمام بالمراجعة وكثرة القراءة والحرص على الورد وكان من لطائفه رحمه الله تعالى معي خاصة أنني كنت أناقشه مستفيداً في بعض مسائل التجويد ومخارج الحروف فكان يقول لي رحمه الله تعالى : أنت شيخ صغير وأنا شيخ كبير وكان ذلك تعبير منه رحمه الله تعالى على عدم الإكثار من تفريعات المسائل في علم التجويد، وكان رحمه الله تعالى- على كبر سنه وغزارة علمه فهو عالم بالقراءات ويمنح عليها الإجازات - متواضعا فهذه أخلاق أهل القرآن ولا شك
يسمع للكبير والصغير والحافظ وغير الحافظ كل وقته يعطيه للقرآن وأهل القرآن ومن حرصه وحبه لمجالس القرآن لم يكن يغيب يوما عن مجالس القرآن ويحثنا دائما على التواضع وعدم العُجب بأننا حفظة لكتاب الله تعالى وأننا نؤم بالمصلين دون خطأ أو تعتعة وإنما يذكرنا بأن ذلك من توفيق الله تعالى لحافظ القرآن فليس العُجب من أخلاق أهل القرآن، وذكر لنا مرة قصة فيها عبرة ودرس لنا عن أحد القراء من قراء العالم الإسلامي والمتقنين في الحفظ وأنه صلى بالناس في تراويح رمضان ختمة عن ظهر قلب حتى وصل سورة الضحى (من قصار السور) ومن أول القرآن لم يخطأ خطأ واحدا ولم يتعتع تعتعة واحدة يقول الشيخ رحمه الله تعالى نقلا عن هذا القاريء المتقن وكأن العجب دب إلى قلبه ولا أي خطأ أو تعتعة وكأنه يقرأ من المصحف يقول الشيخ رحمه الله تعالى فأخطأ في سورة الضحى وتتعتع فيها والله المستعان!
فلست أنسى ياحفظة القرآن ذلكم الدرس من قصة الشيخ التي قصها علينا حافظ ومتقن يخطأ في سورة الضحى.
فكم هو محبط ذلك العُجب لكثير من الأعمال الصالحة ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم فرحم الله تعالى الحافظ المقريء الشيخ عبدالمالك رحمة واسعة وغفر له وعفا عنه وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان وجزاه الله خير ماجزى معلما عن طلابه وأستاذا عن تلاميذه إنه جواد كريم وبالاجابة جدير وصلى الله تعالى وسلم على نبينا محمد وعلى آله وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين والحمد لله في الأولى والآخرة...
عضو هيئة تدريس بجامعة أم القرى.