الصدق مع الذات والمجتمع لا تعوضها المنابر والتسلق عليها
في زمن تتسارع فيه الأحداث ويزداد التنافس على المنابر، يظهر أحياناً من يتخذ من الخطابة والفصاحة وسيلة لخلق صورة براقة تخفي واقعاً أقل إشراقاً.
فهؤلاء النوعية المهزوزة الذين يتركون روابطهم الأصيلة مع قبائلهم أو جماعاتهم او أبناء عمومتهم بحجة السعي للصلاح والإصلاح وتعويض النقص، قد يصبحون مثار تساؤلات عميقة حول صدقهم وتأثيرهم الحقيقي.
إن الانتماء إلى القبيلة أو الجماعة ليس مجرد رابطة اجتماعية، بل هو قاعدة أخلاقية ومسؤولية قيمية. إنه المكان الذي تتشكل فيه المبادئ والقيم، والذي يمنح الفرد دعماً ومرجعية. فمن يترك أبناء عمومته ويتخلى عن الالتزامات التي تتطلبها الروابط الأسرية والاجتماعية، يصبح كمن يهدم جسراً بني على أساس الثقة والوفاء.
الأدهى أن يدعي هذا الشخص الصلاح والخير وهو في الأصل لا يخدم أهله ولا يقدم شيئاً للمجتمع. فالصلاح لا يقاس بالكلمات أو المظاهر، بل بالأفعال التي تعزز القيم وتُترجم إلى مساهمات ملموسة تعود بالنفع على الجميع.
في هذا السياق، يمكن القول إن الشخص الذي يتخلى عن أبناء عمومته وجماعته ينسحب من دائرة المسؤولية الأخلاقية والاجتماعية، ويصبح كالريشة في مهب الريح، ينتقل من منبر إلى آخر دون هدف أو غاية.
وفي النهاية، تبقى الأعمال هي الشاهد الحقيقي على الصدق، وتظل القيم الحقيقية هي المعيار الذي لا يخدع.!