المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 31 مارس 2025
المستشار احمد السعدي
المستشار احمد السعدي

رد على مقال الاستاذ سعود على الثبتي



أولًا، أحيّيك على طرحك الثريّ الذي يجمع بين التحليل اللغويّ والتفكيك الاجتماعي لظاهرة تحوّل دلالات الكلمات، خاصةً في سياقنا العربي الذي تتداخل فيه اللهجات وتتنازعه الأصولُ والتحوّلات. مقالك أثار أسئلة جوهرية عن سلطة المجتمع على اللغه و"أخلاقيات إعادة تشكيل المعاني وهذا نادرًا ما يُناقش بجرأة كما فعلت.
اللغة ككائن حيّ: صراع بين "الأصل" و"السياق"
ما ذكرته عن تحوّل كلمة دندون"من سلبية إلى إيجابية (أو العكس) هو مثال حيّ على أن اللغة ليست مُقدَّسةً بل متفاوَضًا عليها"المجتمع يفرض تفسيراته بغض النظر عن أصل الكلمة، وهنا يبرز سؤالك الأخلاقي:
- هل قبول الشخص لهذا التحوّل نابعٌ من **"تملّك ذاتي"** (مثلما فعلت مجتمعاتٌ بألقابٍ مهينة كـ"Queer" في الغرب)؟
- أم هو استسلامٌ لموضة لغويةقد تُخفِف وَصمةَ الكلمة لكنها لا تمحو تاريخها؟
لعلّ الإجابة تكمن في النية والسياق"حين يُطلَق الوصفُ في لهجةٍ حميمية (كالخليجية حيث تُعني الشجاعة)، يُختزَل أصلها السلبي. لكن لو وُجِّهتْ بقصد الإهانة (كما في المصرية)، فستحمل وَصمَتها القديمة.
٢. "إعادة التملّك اللغوي": مقاومة أم استيعاب؟
ذكرتَ ظاهرة إعادة تملّك الكلمات"(Reappropriation)، وهي استراتيجية ذكية تستخدمها الجماعات المهمَّشة لتحويل الإهانة إلى وسيلة فخر. لكنّ السؤال:
- هل نجحنا كعرب في تطبيق هذا بوعي؟ أم أننا نعيد إنتاج السخرية دون وعي؟
في حالتك، لو كان الشخص المُلقَّب دندون يرفض المعنى السلبي ويتبنى المعنى الإيجابي (كالشجاعة)، فهذا تملّكٌ صحي. أما إن كان يتقبّلُها مرغمًا، فهنا تكمن#3. التناقض اللغوي: حين يصبح "الذمّ مدحًا"!**
أشار مقالك إلى مفارقة طريفة: كيف تتحوّل كلمةٌ مثل دندون (التي تعني الأحمق في مصر) إلى مدحٍ في الخليج (بمعنى الشجاع). هذا يُذكّرنا بأمثلة أخرى:
- عبيط"في المصرية تعني الغبي، بينما في الخليج قد تُقال بطريقة عابرة.
- يا حلو"قد تكون مدحًا أو سخريةً بحسب النبرة!
هذا يؤكد أن المعنى ليس في الكلمة بل في نبرة المتكلّم وذهنية السامع"
4. توصياتك: بين الحذر والإبداع اللغوي
تحذيرك من استخدام الكلمة في السياقات الرسمية مهم، لأن اللغة العامية غالبًا ما تكون حقل ألغام"دلالي. لكنني أضيف:
- الأجدر بنا ككتّاب وعامة أن نُعلّي السياق فوق الأصل"فلو قبل المجتمعُ معنى جديدًا باختياره، يصبح جزءًا من تطوّر اللغة.
- يمكن توثيق هذه التحولات في معاجم اللهجات، كي لا تُفقد الأصولُ ويُفهم التطوّر.

ختامًا: اللغة مرآة المجتمع

مقالك لم يُناقش كلمةً فحسب، بل كشف عن صراع الهوية"بين ما نريد أن نكون (شجعانًا، شهمين) وما نخشى أن نُوصَف به (أغبياء، سطحيين). ربما لو وعينا هذا الصراع، سنستخدم كلماتنا بمسؤولية أكبر.

أشكرك على إثارة هذا النقاش، وأؤيد دعوتك لبحث أعمق. فلنجعل من لغتنا فضاءً حيويًا لا يُلغِي الأصول، لكنه لا يُقدّسها أيضًا.

اقتراح:لو قدّمتَ دراسة مقارنة بين تحوّلات كلمات مثل "دندون" و"عبيط" و"بعبع" في اللهجات العربية، سيكون ذلك إضافةً قيّمة!
المستشار الاعلامي احمد محمد السعدي
 0  0  1.5K