وداعًا يا "دندون"... بعد أن بان المعنى وانكشف الغطاء
في مقالةٍ أنيقة خطّها أخي وأستاذي الإعلامي القدير سعود الثبيتي تحت عنوان "لست دندونًا"، وجدتني أقف طويلًا أمام الكلمة. "دندون" التي ظنناها، ردحًا من الزمن، لقبًا إيجابيًا يُطلق على الكفء، والرجل الطيّب الفعّال، ذي الحضور الذي لا يُقهر. اعتدنا أن نربطها بالشجاعة والكرم، حتى استقرّت في أذهاننا كوسامٍ يُعلّق على صدور الرجال.
وكم منيت نفسي أن أكون ذلك الفتى! علّني أجد يومًا من يصفني بـ"دندون"، فأبلغ بذلك شيئًا من المروءة التي اعتدنا أن نربطها بالاسم، ولو رمزيًا.
لكن... ما إن قرأت مقالة أستاذي سعود الثبيتي، حتى انقشع الضباب، وانكشف الغطاء! إذ كشف – بأسلوبه الرشيق وبصيرته العميقة – أن "دندون" ليست كما ظننا، بل إنها كلمة دميمة في حقيقتها، بعيدةٌ كل البعد عن المعاني الطيبة التي توارثناها. وإذا بها، في أصلها ومعناها الواقعي، لا تليق بالكفء، ولا تتناسب مع من يُشار إليه بالبنان.
عندها، تبسمت... لا سخرية، بل دهشة واعتراف. وأيقنت أن ما ظننّاه يومًا زينةً، لم يكن إلا سرابًا لغويًا، لبسَ علينا المعنى حينًا من الدهر.
ومن تلك اللحظة، أُعلن أمام الجميع تنازلي الكامل والنهائي عن لقب "دندون" ومتلازماته، لا طمعًا ولا ندمًا، ولا احترامًا للمعنى الحقيقي، بل حفاظًا على ما تبقى من المعاني الجميلة التي نؤمن بها.
وأقول لأستاذي العزيز ابا عبدالعزيز: جزاك الله خيرًا، فقد أحسنت التصويب، ورفعت عنّا التباسًا لطيفًا دام طويلاً... وعلّمتنا – من حيث لا نحتسب – أن الكلمات لا تُؤخذ بظاهرها، وأن المعاني أمانات.
وداعًا يا "دندون"... ما عدتُ أرجو قربك، ولا أفتّش عنك في المجالس!