المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 31 مارس 2025
محمد السبيعي
محمد السبيعي
محمد السبيعي

“لستُ دندونًا”… موقف و توضيح حول استخدام مثل دارج تعقيب على مقال الزميل الأستاذ سعود بن علي الثبيتي



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

اطلعتُ على ما كتبه الزميل العزيز الأستاذ سعود بن علي الثبيتي، وأقدّر له غيرته الأدبية وتفاعله المسؤول مع ما يُطرح من مفاهيم وكلمات تتعلق بالذوق العام واللغة. وإنني إذ أكتب هذا التعقيب، فإنما أقصده توضيحًا وإثراءً لا جدالًا، فالنقاش الهادئ المبني على الاحترام هو ما يسمو بالكلمة ويُرقّي الذوق والفهم.

ورد في إحدى حالاتي عبر تطبيق “واتساب” مثلٌ شعبي متداول في بعض الدول العربية، نصه:
“اتلمّ الدندون على دندن، واحد نتن والثاني أنتن.”
وحيث قد نُشر على إحدى الحالتين – حسب ما ذكره الزميل مشكورًا – فإن ما أثاره من تساؤلات وملاحظات جديرٌ بالوقوف عنده، كما أنني تأثرتُ شخصيًا بما أُثير، وأجد من الأمانة الأدبية والواجب الأخلاقي أن أوضح المقصود والسياق.

أولًا: من حيث الدلالة والمعنى:
العبارة المذكورة تنتمي إلى الموروث الشعبي، وتُستخدم مجازًا للتعبير عن تشابه الطباع وتوافق السلوك، خصوصًا في الجوانب غير المحمودة. فكلمة “الدندون” تُطلق – في بعض البيئات المحلية – على الشخص غير المؤثر أو غير المرغوب فيه، ويرافقه من هو على شاكلته، لا سيما إذا جمع بينهما ميلٌ لطبعٍ واحد. والعبارة، في مجموعها، تُقارب ما يُقال في الفصحى: “المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يُخالل.” أو قولهم: “الطيور على أشكالها تقع.”

ثانيًا: من حيث اللغة والسياق:
لا شك أن الأمثال الشعبية تحمل طابعًا بلاغيًا يخرج أحيانًا عن دائرة الفصحى، لكنها تظل تعبيرًا عن تجارب المجتمع ومفرداته، وغالبًا ما تُستخدم بطريقة مجازية لا يُقصد بها التعيين أو الإسقاط. كما أن اللغة بطبيعتها حيّة متغيرة، تخضع لتحوّلات دلالية، وقد تكتسب بعض الألفاظ مع الوقت معاني جديدة حسب السياق والثقافة السائدة. وهذا من دلائل مرونة اللغة، لا جمودها.

ثالثًا: موقف شخصي وتوضيح:
أؤكد للجميع أنني لا أقبل وصف “الدندون” لنفسي ولا لغيري، لا تصريحًا ولا تلميحًا، وأستنكر تحميل العبارة ما لم يُقصد بها. وقد وردت في سياقٍ عام بعيد عن التخصيص، ومن ظنّ غير ذلك فليسامحني، وأعتذر له إن تسببتُ في لبس أو حرج.
كما أنني أثمّن كل من ناقش أو علّق أو استفسر، فمثل هذه الوقفات تفتح أبواب الحوار البناء، وتُعيد للكلمة قيمتها ومعناها، في ظل ما نشهده من تسارع في النشر والتأويل.

ختامًا،
أشكر الزميل الأستاذ سعود بن علي الثبيتي على مقاله الذي حمل همًّا لغويًّا واجتماعيًّا راقيًا، وأسهم في فتح باب الحوار حول ما يُنشر ويُتداول. والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، بل يُعدّ من سمات المجتمع المتحاور الواعي.
ويبقى احترام الكلمة مسؤولية، واختيار اللفظ أمانة، واللغة ليست مجرد أداة تواصل، بل مرآة للفكر، وجسر للقلوب.

والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل.
بواسطة : محمد السبيعي
 0  0  1.7K