المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الثلاثاء 18 مارس 2025
ابراهيم العتيبي - نائب رئيس التحرير
ابراهيم العتيبي - نائب رئيس التحرير

الإعلام بين الحرية والهوية.. هل يواجه الصحفي خطر الاندثار؟

في حديث لبرنامج “الليوان”، قدّم معالي وزير الإعلام سلمان الدوسري رؤية واضحة حول واقع الإعلام السعودي، مؤكّدًا على أهمية المسؤولية الإعلامية، ومشدّدًا على دور الرقابة الذاتية بديلًا عن الرقابة التقليدية. تصريحات الوزير تحمل أبعادًا مهمة حول مستقبل الصحافة، لكنها تفتح في الوقت ذاته باب النقاش حول التحديات التي تواجه الإعلام في ظل التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي.

حرية الإعلام.. أين نقف اليوم؟

أشار الوزير إلى أن حرية الإعلام في المملكة اليوم تُعدّ في مستوى مرتفع مقارنة بالإقليم، وأن المؤسسات الإعلامية أصبحت قادرة على تنظيم محتواها ذاتيًا. هذا الطرح يعكس تقدمًا كبيرًا في مفهوم الإعلام المسؤول، حيث لم تعد هناك رقابة حكومية صارمة، بل أصبح على المؤسسات الإعلامية أن تضع لنفسها حدودًا أخلاقية ومهنية. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل جميع وسائل الإعلام قادرة على تحقيق هذه المعادلة بين الحرية والمسؤولية؟

لا شك أن الإعلاميين يتحملون اليوم مسؤولية أكبر في ظل غياب الرقابة المباشرة، ولكن هذا يتطلب بيئة إعلامية ناضجة، ووجود معايير واضحة تحمي حرية التعبير دون تجاوز الحدود المهنية أو الأخلاقية. فهل لدينا اليوم نظام متكامل يوازن بين النقد البنّاء والحفاظ على المصالح العامة؟

التباهي بـ”الثراء الزائف”.. ظاهرة أم أزمة؟

واحدة من أبرز النقاط التي تناولها الوزير هي قضية التباهي بالثراء الزائف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، واعتباره أن “ترك متابعة هؤلاء أقوى عقوبة لهم”. هذه الظاهرة أصبحت جزءًا من المشهد الإعلامي الجديد، حيث تحوّلت بعض المنصات إلى ساحات استعراض، تُسوّق للترف غير الواقعي، مما يؤثر على وعي الشباب ويخلق فجوة بين الواقع والمأمول.

لكن الحل لا يكمن فقط في ترك المتابعة، بل في تعزيز دور الإعلام في توعية المجتمع بمخاطر هذه الظواهر. الإعلام الحقيقي ليس مجرد ناقل للأحداث، بل هو صانع للوعي، وعليه أن يكون جزءًا من المعالجة لا مجرد مراقب للوضع.

المسؤولية الإعلامية في تغطية الأحداث

تجربة الوزير في تغطية كارثة حريق القديح عام 1999، تسلّط الضوء على أهمية الصحافة في نقل الحقيقة بمهنية وإنسانية. الصحفي ليس مجرد ناقل للأخبار، بل هو مؤرخ للحظة، ومسؤول عن تشكيل وعي المجتمع بالأحداث الكبرى. ومع ذلك، يبقى التحدي في التوازن بين السبق الصحفي والالتزام بأخلاقيات المهنة، خصوصًا في عصر الانتشار السريع للمعلومات.

هل الصحافة الورقية في خطر أم الصحفي؟

قال معالي وزير الإعلام: “لا يقلقني موت الصحافة الورقية؛ ولكن يقلقني موت الصحفي.” وهذه الجملة تختصر أحد أكبر التحديات التي يواجهها الإعلام اليوم. نعم، الصحافة الورقية تتراجع عالميًا مع صعود الإعلام الرقمي، لكن الأزمة الحقيقية ليست في الوسيلة، بل في المحتوى وصانعيه.

الصحفي اليوم مطالب بأن يكون أكثر قدرة على التأقلم مع المتغيرات، وأن يطور أدواته لمواكبة العصر الرقمي، لا أن يبقى رهينًا للنماذج التقليدية. فموت الصحفي لا يعني فقط اختفاء الورق، بل يعني غياب المصداقية، واندثار المعايير المهنية، وهي المخاطر الحقيقية التي قد تقتل الصحافة نفسها.

الإعلام لم يعد مجرد صفحات تُطبع أو أخبار تُبث، بل أصبح منظومة متكاملة تتطلب مهارات جديدة، من التحقق السريع من المعلومات إلى التعامل مع الذكاء الاصطناعي، ومن القدرة على بناء القصص الصحفية إلى إدارة الحوار المجتمعي في فضاءات التواصل الحديثة.

في النهاية، الصحافة ليست مجرد ورق يُطوى، بل فكر يُنشر، ومهما تغيرت الوسائل، فإن الصحفي الحقيقي هو من يبقى قادرًا على نقل الحقيقة وصناعة التأثير، سواء كان ذلك عبر صحيفة، منصة رقمية، أو حتى تغريدة قصيرة.image
 0  0  1.8K