حين يصبح القريب غريبًا: عن الحسد والعداوة بين الأقارب
من المفترض أن تكون روابط القربى حصنًا منيعًا، وسندًا لا يهتز أمام متغيرات الحياة، لكن الواقع أحيانًا يُظهر جانبًا آخر مؤلمًا، حيث يصبح القريب أشدّ الأعداء، وتتحول المحبة إلى غيرة، والمودة إلى منافسة، والصلة إلى قطيعة.
لماذا يكره القريب قريبه
السبب الأبرز لهذه العداوة غالبًا ما يكون الحسد، فالنفس البشرية تميل أحيانًا إلى مقارنة نفسها بالآخرين، خاصة إن كانوا من نفس العائلة أو المحيط القريب. نجاح شخص قد يُشعل في قلب قريبه نار الغيرة بدلًا من أن يكون مصدر فخر. يتساءل الحاسد: “لماذا هو وليس أنا؟” متناسيًا أن الأرزاق مقسّمة بحكمة إلهية.
هناك أيضًا التنافس الموروث، حيث تنشأ بعض العائلات في بيئة تزرع المنافسة بين أفرادها، فيصبح كل نجاح كأنه خسارة للطرف الآخر. الإرث والماديات كذلك تلعب دورًا كبيرًا في إشعال النزاعات، حيث تُكشف النفوس عند توزيع الحقوق.
آثار العداوة بين الأقارب
لا يوجد ألم أشدّ من أن يأتيك الأذى ممن كنت تظنه الأقرب، فهو جرح لا يلتئم بسهولة. تفكّك العائلات، انتشار القطيعة، وغياب السند الحقيقي من أهم النتائج. والمفارقة أن الغريب قد يكون أحنّ وأوفى من القريب الذي تحكمه المصالح والغيرة.
كيف نتعامل مع هذه العداوة
• التجاهل والتسامي: ليس كل معركة تستحق خوضها، وأحيانًا يكون الصمت أبلغ رد.
• وضع الحدود: التعامل الرسمي مع الأقارب السلبيين يحفظ المسافات ويمنع الاحتكاك المؤذي.
• عدم رد الإساءة بالإساءة: لأن الغضب قد يخسّرك نفسك قبل أن يخسّرك القريب.
في النهاية، القربى الحقيقية ليست في الدم فقط، بل في القلوب الصافية. فإن خانك القريب، فلا تحزن، بل اعتبره درسًا يزيدك قوة، واعلم أن الأوفياء ليسوا بالضرورة من لحمك ودمك، بل من شاركوك النية الصادقة