المجالس بين المُثْرين والثّرثارين
تجاوز المجلس المكان والزمان إلى مجالس أعظم فتنة ، وأخطر أثرا على الفرد والمجتمع؛ وذلك فيما يُسمي بوسائل التواصل الإجتماعي، واذا كان ديننا الحنيف يحث على ملازمة مجالس الذكر؛ لانها خير المجالس وأزكاها وأشرفها وأعلاها قدراً وأجلها مكانة عند الله,لان بها تحيا القلوب وينمو الإيمان وتزكو النفوس وهي في النهاية سبيل السعادة والفلاح في الدنيا والآخرة، وقد دلت على شريف قدرها ،ورفيع شأنها ، وعلو مكانتها, نصوص كثيرة من الكتاب والسنة , فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(( إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا)), قالوا : وما رياض الجنة ؟ قال حلق الذكر .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :((من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كانت عليه من الله ترة ..)) أي نقص وتبعة وحسرة.
لذا فإن ديننا الحنيف يحذرنا من مجالس الشر وهي المجالس التي يُنسى فيها ذكر الله و يكَثُر فيها قول الزور والباطل ، ويأخذ فيها كل ثرثار بزمام اللغو، والهذر ، ويبدأ كل من الحضور يهيأ نفسه للإدلاء بدلوه في هذا المستنقع النتن؛ بزعم أنه إثراء للموضوع ! ونسوا أو تناسوا أن حصائد الألسنة تُلقِي بأصحابها في النار , فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه : ثكلتك أمك [يا معاذ] بن جبل وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم ، بل يصدق عليهم قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إن من أحبكم إلى، وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة، أحسانكم أخلاقاً وإن أبغضكم إلى، وأبعدكم مني يوم القيامة، الثرثارُون والمتشدقون والمتفيهقون"
اللهم إنا نعوذ بك من اللغو والهذر، ونسألك الثبات في القول والعمل، وأن ترينا الحق حقا وترزقنا اتباعه ، وترينا الباطل باطلا وترزقنا اجتنابه.