المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 13 فبراير 2025
د. بندر الحنيشي
د. بندر الحنيشي

عن د. بندر الحنيشي

دكتوراه في الفقه المقارن، عضو محكمة لندن الدولية، مستشار شرعي وقانون وتحكيم دولي.

مسرحية الأدغال والتهجير الفاشل الذي دونه خرط القتاد



في قلب الأدغال الوارفة بالظلال، حيث تمتد الأشجار الشامخة، وتجري من تحتها الأنهار الصافية، وتغرد العصافير، وترتع المخلوقات بما كتب لها من نصيب.
وقف ابن آوى المغرور على تلٍّ مرتفع، يحدق في المخلوقات التي تعيش منذ الأزل في هذه الأدغال، وكان يشعر بالضيق، فوجودهم يذكره دائمًا بأنه دخيل، وأن الأدغال ليست له، لكنه أقنع نفسه أنه الأقوى والأجدر، وأنه قادر على إعادة تشكيل الأدغال كما يحلو له.

فجمع أتباعه من الضباع والثعالب، ووقف يخطب فيهم: "أيها الأوفياء! حان وقت التغيير! هذه الأدغال لم تعد تتسع للجميع، وهناك بعض المخلوقات التي يجب أن تغادر فنحن الأحق بالبقاء، ويجب أن نعيد ترتيب الأمور!"

صفق الضباع بضحكاتهم القبيحة، وبدأت خطتهم، في ترهيب الطيور، وتدمير أعشاشها، وتكسير أغصان الأشجار، ومهاجمة الأرانب والغزلان لإجبارهم على الرحيل كانت الأدغال تضج بالآهات، لكن تلك المخلوقات رفضت أن تترك أرضها، فأصبحت المواجهة حتمية.

وفي وسط تلك الفوضى، كان ابن آوى منتشيًا بنجاحه، يراقب بعينيه الصغيرتين كيف تتشرد المخلوقات، وكيف يهدم أوكارها، وكيف يزرع الخوف بين صغارها. لكنه، في غمرة غروره، نسي أمرًا واحدًا…
نسي أن هناك أسودًا تذود عن الحق!
وتقف مع المظلوم!
وفجأة، اهتزت الأرض تحت خطوات ثقيلة، وارتفع زئير هائل كأنه صوت الرعد، فتوقفت الضباع عن الضحك، وتراجعت الثعالب عن غدرها.
حيث تقدمت الأسود، وقائدهم العظيم، بعينين تقدحان شررًا، وزئير يكاد يمزق الهواء.

تقدم القائد العظيم نحو ابن آوى، وحدق فيه طويلاً قبل أن يقول بصوته العميق:
"أظن أنك نسيت أن هذه الأدغال ليست لك، ولا لعصابتك بل هي ملكٌ لمن عاشوا فيها، لمن سكنوا أشجارها وساروا على ترابها منذ الأزل!"

فقد حاول ابن آوى أن يتمتم بكلمات تبرير، لكنه لم يجد ما يقوله، فقد كان المشهد واضحًا: الأسود هنا، والأدغال ليست له، والخداع لم يعد ينطلي على أحد.

إذن سينقلب السحر على الساحر وتنهض المخلوقات، وستستجمع قوتها، وتعرف أنها ليست وحدها وستتبع الأسود، ويتلوا عليهم النبأ اليقين التهجير دونه خرط القتاد.

وفي النهاية، لن ينجح التهجير، ولن يرحل أصحاب الأرض وسيبقون كما كانوا دائمًا، موطنًا لمن يستحقه، وملاذًا لمن رفض الخضوع.
أما ابن آوى… فسينتهي به الحال كما ينتهي بكل مغرور: هاربًا، منبوذًا، ملعونًا على لسان.
 0  0  1.6K