المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 27 يناير 2025
محسن السهيمي
محسن السهيمي
محسن السهيمي

الطريق الى مكة


قد تبدو أغلب الوجهات السياحية مثيرة، ولكن أن تكتشف شيئاً تعرفه جيداً، وفي الوقت نفسه لا تعرفه تلك هي الإثارة. يحكي لي صديقي الكويتي واسمه علي بأنه عزم على التوجه إلى مكة عن طريق البر هذه المرة، ولكنه أخذ يفكر في المسافة وكذلك في شخص يرافقه ويسليه في هذه المسافة الطويلة تبادر إلى ذهنه صديقه إبراهيم من البحرين، فاتصل به وأخبره بنية الذهاب إلى مكة، ولكن عن طريق السيارة استغرب إبراهيم هذه الفكرة، ولكن سرعان ما طمأنة الكويتي بأن كل ما عليه إلا أن يقابله في الدمام وهي مسافة قصيرة بين البحرين والدمام، فوافق على ذلك انطلق صديقنا الكويتي في صباح ذلك اليوم متجها للسعودية أخذ تقريبا ساعة ونصف حتى دخل الأراضي السعودية، ثم بعد أن انتهى من الإجراءات غادر إلى مدينة الدمام لمقابلة صديقه إبراهيم الذي لم يكن تحرك بعد من منزله في المنامة، وبعد أربع ساعات من القيادة المستمرة وصل صديقنا الكويتي إلى الدمام وهناك وجد إبراهيم بانتظاره توجهوا إلى أقرب محطة، وتناولوا طعام الغداء، وبعد استراحة قصيرة غادروا باتجاه مكة، وكانت هذه أبعد نقطة كان قد وصلها بسيارته من قبل وكأنه في حلم.

لا تستغربوا ذلك فأي شيء تجربه للمرة الأولى يبقى عالقا بالذاكرة، وعندما حل المساء كانوا قد وصلوا لمنطقة الرياض حل الظلام، وبدا الطريق مستقيما لا نهاية له والسماء صافية مليئة بالنجوم يخبرني بأنهم لأول مرة يشاهدون السماء بهذه الرهبة والاتساع والعدد اللامتناهي من النجوم، وتلك الأجواء الصحراوية الساحرة، والباعثة للسكون والهدوء والطمأنينة

يقول: "توقفنا ونزلنا جانبا ننظر في هذه الأرض المفتوحة والسماء المبهرة شعرنا بشيء من أصالة الماضي، وكيف اجتمعت الجغرافيا والتاريخ في هذه الأرض الطيبة، وكيف تغلب طريق الحج على كل طرق الحرير القابعة في التاريخ، كان شعورا يجذبنا للمكان لم أشعر به من قبل، رغم أسفاري المتعددة حول العالم.

كنا مرهقين ولكن متعة اللحظة كانت تمدنا بالطاقة للاستمرار". أكملوا رحلتهم وتوقفوا بعد منتصف الليل في الطائف حيث شعروا بإرهاق لم يألفوه من قبل توجهوا لأقرب استراحة وناموا بمجرد الاستلقاء دون تدقيق أو فحص لنوعية فرش الأسرة وصلاحيتها وهي ليست عادتهم. استيقظوا صباحا وهم يشعرون بالبرد، يقول: "خرجنا للحصول على بعض الدفء والنشاط، وذهلنا مما رأينا.
ذهلنا من جمال المكان ونسمات الصباح العليلة وروعة الجبال والخضرة فنحن لم نتبين المكان عند وصولنا ليلا".
تناولوا إفطارهم في ذلك المكان، وعندما هموا بالمغادرة رحبت بهم الطائف كعادتها في الترحيب. زخات المطر.. كأنني أنظر في وجوههم بعد هذا الترحيب وعيونهم تتراقص بالإعجاب والبهجة. كانت وجهتهم مكة أقدس وأجمل الوجهات وبحمد الله وصلوا وما أجمل من روعة ما مروا به إلا ما اخترق أرواحهم، وغمر شعورهم من روحانيات البيت الحرام، والشعور بالسعادة، وذرفات من دموع الخشوع عند رؤية الكعبة المشرفة.
قد تكون مجرد رحلة برية مر بها كثير منا وألفها، ولكن هنا شاهدت وصفها في عين صديقي علي، وتذكرت الرهبة والرغبة في حضرة الحرم، وأحسست برائحة المكان والزمان في رحلتهم، وشعرت ببرد ليالي الصحراء، ورأيت نجد والطائف ومكة في تعابير وجهه.

ما دفعني أيضا أن أكتب عن هذه الرحلة هو ما أخبرني به علي عن تغير الكثير من معتقداته القديمة الخالية من تجربة حقيقية، فكان يعتقد أن المملكة مجرد صحراء رغم معرفته بها، ولكنه تفاجأ بما شاهده من بانوراما الطبيعة،وكيف يربطك السفر لمسافات طويلة بالمكان والإنسان والهجر، وكذلك ما كان يعرفه عن كرم دول الخليج وطيبة أهلها، ولكن كان السعوديون متقدمين دائما كعادتهم بخطوة، فحين يعلم أنك من خارج المملكة، فمن تلك اللحظة أنت ضيفه الخاص، وإذا علم أنك من دول الخليج فتلك ميزة أخرى، يضيف بها على كرمه كرم.

بعد سنتين..
سألت علي عن هذه الرحلة هل يمكنك أن تعيدها؟ فجاوبني بالتأكيد سوف أعيدها، ولكن لست أنا من يقود السيارة.!
بواسطة : محسن السهيمي
 0  0  3.6K