المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الإثنين 13 يناير 2025
د. بندر الحنيشي
د. بندر الحنيشي

عن د. بندر الحنيشي

دكتوراه في الفقه المقارن، عضو محكمة لندن الدولية، مستشار شرعي وقانون وتحكيم دولي.

سيد الأوطان وطنى المعشوق



وطني المعشوق، أبعث إليك رسالة وأنا بين أحضانك الحنون، مستظلاً بدفء أضلعك مستلهماً من حضارتك العريقة التي نبضت على أرضك، وتحمل بين طياتك تاريخًا خالدًا وعزًا لا يُضاهيه عز.
فيا ملاذ الروح ومسكن الفؤاد، فأنتَ النبض الذي يسري في عروقنا، والهواء الذي يملأ صدورنا، فكيف للكلمات أن تحيط بك، وأنت الأفق الممتد بلا حدود؟
أنتَ الحجاز، موطن الصفاء والقداسة، حيث مكة المكرمة قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم، وحيث المدينة المنورة تفيض بالسلام الروحي.
فعلى أرضك يزهو تاريخ النبوة وتفوح عظمة الماضي المجيد من كل ذرة تراب. في أركان الحجاز، تُرفع أكف الدعاء، وتُلهج الألسن بالتحميد، وكأن جباله تردد صدى الإيمان.
يا حجاز المجد والروحانية، تزهر قدسيتك في القلوب وتغني جبالك بحمد الله، فأنت منارة أبدية لا تنطفئ، ومهد الحضارة التي أضاءت الدنيا.
وأنتَ نجد، أرض الأصالة والشموخ، مهد العروبة ومنارة الفصاحة.
على سهولك ومرتفعاتك عاش الأجداد أحرارًا يبنون حضاراتٍ ثلاثًا حجرًا فوق حجر لم يعهد التاريخ ذكرها، فغرسوا في كل شبر قصة من الكفاح. في نجد، الكثبان تتعانق مع الأفق، فتتجلى لوحة من العزة والكبرياء. هنا تتردد أنغام القصائد على ألسنة الشعراء، وتنساب المعاني بقوة كما تنساب الرياح فوق سهولك. يا أرض القلوب التي لا تنحني والهمم التي لا تقهر، كل نسمة تهب من سهولك تحمل روح المجد الذي لا يزول.
وفي الجنوب، حيث الشموخ يتجلى في جباله الشاهقة، وحيث الأصالة تنبثق من كل صخرة، تُغنّي الأرض أنشودة الولاء والانتماء.
في الجنوب تكتسي الأرض خضرةً دائمةً تُشبه قلوب أبنائها الذين يحملون إرثًا عريقًا لا ينقطع. يا جنوب الكرامة والتقاليد العريقة، جبالك لا تهبط ونخيلك لا ينحني، وأبناؤك رمز العزة والإباء، فترتسم صور من التضحية والحب، ويُسطّر التاريخ صفحات لا تُنسى، وأغاني الحنين تُطرب الأرواح.
أما في الشمال، فإن الكرم يفيض كما يفيض النهر.
فسهوله وجباله شاهدة على أصالة أهله وعطائهم اللامحدود. يا شمال الشهامة والجود، يا مرآة التراث ونبض الوفاء، فأنت موطن القلوب السخية التي تعطي بلا انتظار، ونبض الوطن الحنون الذي يحتضن الجميع.
في الشمال تتهادى القرى والمدن كأنها قصيدة مرسومة، بجبالها الشامخة وسهولها الممتدة التي تروي حكايات الكرم والعزة.
وفي الشرقية، حيث البحر يغني سيمفونية الغنى والرخاء، تتلألأ أمواج الخليج كأنها مرآة تعكس ازدهار الوطن.
هنا تتعانق عراقة الماضي مع روح الحاضر، فتنبض المدن بالحياة وتحتضن الأحلام والطموحات.
يا شرقية الخير الذي لا ينضب، أنتِ حكاية ازدهار وروح العطاء. على شواطئك تتراقص الأمواج وكأنها تبارك لهذا الوطن خطاه، وبين موانئك تتردد أصداء التجارة التي رسمت ملامح مجده القديم.
يا وطني يا لوحة تزخر بأطياف الجمال والبهاء.
فيك تتناغم الأصوات وتتعانق العادات، ليصبح التنوع وحدة لا تنفصم. فعلى أرضك تجتمع القلوب، وتذوب الفوارق، لأنك الوطن الذي يلمّ الجميع تحت رايته ويحمل أحلامهم إلى الأفق البعيد.
كيف أصفك وأنت القِبلة لكل مشتاق، والمأوى لكل عاشق؟
كيف أُعبّر عن حبي لك وأنتَ الروح التي تنبض في أجسادنا، والأرض التي تحتضننا، والسماء التي تعانق أحلامنا؟
أنتَ البداية والنهاية، والوعد الذي لا يخيب، والحلم الذي لا ينطفئ.
على أرضك كتبنا حكاياتنا، وغرسنا طموحاتنا، ورفعنا راياتنا عاليةً في السماء.
أنت الماضي الذي نفتخر به، والحاضر الذي نبنيه، والمستقبل الذي نسعى إليه بكل عزم وقوة. فيك تتجلى الوحدة رغم التنوع، وتسمو القلوب رغم المسافات، لأنك أنت المأوى، والأمل، والنور الذي لا يخبو.
في طي الختام: شَغَفِي بك لا ينطفئ، رغم ما قد كنفي من جَوَى حبك، فأنتَ أسمى في الحب وأرفع في العظمة.



أستاذ الفقه المقارن والقانون والكاتب الصحفي.
 0  0  1.6K