ثورة بن عبدات
نموذج آخر من النماذج الحضرمية التي اشرت اليها في أمسية الثلاثاء فكان حديثي عن ذلك المهاجر الحضرمي الذي ترك بلاده صغيراً بحثاً عن لقمة العيش بعد أن وصلت الأوضاع داخل البلاد الى أسوأ مراحلها جفاف وجوع وجهل،
وفتح الله عليه من فضله داخل المهجر الاندونيسي فامتلك الكثير من العقارات ومصانع للنسيج فكسب أموالاً طائلة وساهم مع عدد من المهاجرين الحضارم في اندونيسيا بتأسيس حركة الارشاد حتى أصبح فيما بعد نائباً لرئيس الحركة التي قادت حركة التنوير داخل مجتمع المهاجرين الحضارم،
وقد عاش بن عبدات في رغد من العيش الكريم لكنه لم يهنأ له بال ووطنه يعيش الفقر والجوع وأهله يعيشون الرعب والخوف وعدم الأمان، فقرر العودة الى حضرموت وحمل معه مشروع إقامة دولة تبدأ من منطقته الصغيرة مدينة (الغرفة) التي تبعد عن مدينة سيوون عشرة كيلو، والتي كانت تعاني من أعمال السلب والنهب،
وشرع بتنفيذ عدد من الإصلاحات الأمنية والتنموية فيها، وذلك بإشراف أخيه عمر، منها:
بناء سور حول المدينة ليحفظها من النهب والسلب، وجعل عليها حراسة مشددة، وأمر جميع الوافدين إليها بترك (بنادقهم) عند حرس البوابات، وأكد على المساواة بين الناس، ولم يفرض أي جمارك على الواردات والصادرات.
توفي صالح عبيد عام 1939م وتوفي اخيه عمر بعده في نفس العام وتولى بعدهم عبيد بن صالح الأمر وجعل من الغرفة أمارة لا تعترف بالمستشار البريطاني ولا بسلطنة الكثيري في سيوون،
وهنا قررت بريطانيا القضاء عليه بقوة السلاح
بعد أن ذاع صيته وبدأ ينتشر بين القبائل ومشروعه الإصلاحي والتنويري أصبح حقيقة على أرض الواقع،
ويذكر الأستاذ خالد باعافية في كتابه (لمحات من تاريخ مقاومة بن عبدات بحضرموت)
أن “ابن عبدات اتخذ بعض الإجراءات المنسجمة مع مبادئ الحركة الإرشادية، حيث قضى على الظلم الذي كان سائدا في المدينة، وأزال طغيان الأقوياء على الضعفاء، وأقام العدل، وجعل الناس على اختلاف طبقاتهم سواسية في الحقوق والواجبات، وخصص الأموال للمشاريع الخيرية، كتقديم المساعدات للفقراء والمساكين والأرامل والعجزة والمحتاجين من سكان الغرفة
وفي الجانب الاقتصادي قام بصك عملة خاصة بمدينة الغرفة، وهي أول عملة حضرمية تعادل قيمتها مقدار وزنها من الفضة، وقد ساعدت تلك العملة على إنعاش السوق المحلية في المدينة.
وعسكرياً اعتمد ابن عبدات على قبائل الحموم المعروفين بعداوتهم لبريطانيا، وعلى الأحرار الذين أتقهم من ربقة الرق السائد في المجتمع في ذلك الوقت، وتولى قيادة الجيش محبوب البدوي
ولتنظيم شؤون (الإمارة) أحاط الأمير بن عبدات نفسه بعدد من المستشارين المثقفين منهم: محمد بن عبود، الذي تولى شؤون السكرتارية، وعمر سالم باعباد المترجم الخاص، وكذلك الشيخ هود باعباد،
والشاعر خميس كندي إعلامي الامارة
وولى القاضي المُصلي القضاء،
في فبراير 1945، جرّدت الحكومة البريطانية حملة ضخمة ضد بن عبدات، بعد أن جهزت جيش عرمرماً لم تعرف البلاد مثله، مزوداً بالمدافع والدبابات والسيارات المصفحة.
وقامت بمحاصرة الغرفة وبدأت الحرب بالمدفعية التي كانت تضرب الحصون، بالإضافة الى الطيران الحربي الذي شارك في القصف، حتى سقطت الغرفة في يد البريطانيين في مارس 1945
وبعد استسلام ابن عبدات، تمت محاكمته ونقله إلى عدن وتم ترحيله الى اندونيسيا، وتوفي هناك عام 1963.
أما سكرتيره محمد بن عبود فتم تسليمه للسلطنة الكثيرية التي نفته إلى عدن، وهناك عاش بقية عمره، وحُكِم على الشيخ هود باعباد بالإعدام ومات في السجن. أما الأستاذ عمر باعباد فقد غادر البلاد،
وهرب الشاعر خميس كندي إلى المكلا ومنها إلى عدن ثم إلى الحبشة وعاش بقية عمره فيها،
وقد قال عن (الحركة) عبدالقوي مكاوي بأنها الانتفاضة التي كانت بداية ليقظة الأمة وقال المؤرخ صلاح البكري عن بن عبدات تمكن من القضاء على المظالم في المدينة، وأزال طغيان الأقوياء من أهلها على الضعفاء، ونشر العدل والأمن، وجعل الناس على اختلاف طبقاتهم سواسية في الحقوق والواجبات أما حمزة لقمان فقد وصف قائدها قائلاً: كان شامخ الأنف مرفوع الرأس" فمدّ الضباط الإنجليز أيديهم لمصافحته، معترفين ببطولته وشجاعته وثباته. فصافحهم وهو يقول لهم: "نحن لم نسلّم إلا حماية للسكان من قوتكم الغاشمة،
وسنكمل ما تبقى الأسبوع القادم باذن الله.
وفتح الله عليه من فضله داخل المهجر الاندونيسي فامتلك الكثير من العقارات ومصانع للنسيج فكسب أموالاً طائلة وساهم مع عدد من المهاجرين الحضارم في اندونيسيا بتأسيس حركة الارشاد حتى أصبح فيما بعد نائباً لرئيس الحركة التي قادت حركة التنوير داخل مجتمع المهاجرين الحضارم،
وقد عاش بن عبدات في رغد من العيش الكريم لكنه لم يهنأ له بال ووطنه يعيش الفقر والجوع وأهله يعيشون الرعب والخوف وعدم الأمان، فقرر العودة الى حضرموت وحمل معه مشروع إقامة دولة تبدأ من منطقته الصغيرة مدينة (الغرفة) التي تبعد عن مدينة سيوون عشرة كيلو، والتي كانت تعاني من أعمال السلب والنهب،
وشرع بتنفيذ عدد من الإصلاحات الأمنية والتنموية فيها، وذلك بإشراف أخيه عمر، منها:
بناء سور حول المدينة ليحفظها من النهب والسلب، وجعل عليها حراسة مشددة، وأمر جميع الوافدين إليها بترك (بنادقهم) عند حرس البوابات، وأكد على المساواة بين الناس، ولم يفرض أي جمارك على الواردات والصادرات.
توفي صالح عبيد عام 1939م وتوفي اخيه عمر بعده في نفس العام وتولى بعدهم عبيد بن صالح الأمر وجعل من الغرفة أمارة لا تعترف بالمستشار البريطاني ولا بسلطنة الكثيري في سيوون،
وهنا قررت بريطانيا القضاء عليه بقوة السلاح
بعد أن ذاع صيته وبدأ ينتشر بين القبائل ومشروعه الإصلاحي والتنويري أصبح حقيقة على أرض الواقع،
ويذكر الأستاذ خالد باعافية في كتابه (لمحات من تاريخ مقاومة بن عبدات بحضرموت)
أن “ابن عبدات اتخذ بعض الإجراءات المنسجمة مع مبادئ الحركة الإرشادية، حيث قضى على الظلم الذي كان سائدا في المدينة، وأزال طغيان الأقوياء على الضعفاء، وأقام العدل، وجعل الناس على اختلاف طبقاتهم سواسية في الحقوق والواجبات، وخصص الأموال للمشاريع الخيرية، كتقديم المساعدات للفقراء والمساكين والأرامل والعجزة والمحتاجين من سكان الغرفة
وفي الجانب الاقتصادي قام بصك عملة خاصة بمدينة الغرفة، وهي أول عملة حضرمية تعادل قيمتها مقدار وزنها من الفضة، وقد ساعدت تلك العملة على إنعاش السوق المحلية في المدينة.
وعسكرياً اعتمد ابن عبدات على قبائل الحموم المعروفين بعداوتهم لبريطانيا، وعلى الأحرار الذين أتقهم من ربقة الرق السائد في المجتمع في ذلك الوقت، وتولى قيادة الجيش محبوب البدوي
ولتنظيم شؤون (الإمارة) أحاط الأمير بن عبدات نفسه بعدد من المستشارين المثقفين منهم: محمد بن عبود، الذي تولى شؤون السكرتارية، وعمر سالم باعباد المترجم الخاص، وكذلك الشيخ هود باعباد،
والشاعر خميس كندي إعلامي الامارة
وولى القاضي المُصلي القضاء،
في فبراير 1945، جرّدت الحكومة البريطانية حملة ضخمة ضد بن عبدات، بعد أن جهزت جيش عرمرماً لم تعرف البلاد مثله، مزوداً بالمدافع والدبابات والسيارات المصفحة.
وقامت بمحاصرة الغرفة وبدأت الحرب بالمدفعية التي كانت تضرب الحصون، بالإضافة الى الطيران الحربي الذي شارك في القصف، حتى سقطت الغرفة في يد البريطانيين في مارس 1945
وبعد استسلام ابن عبدات، تمت محاكمته ونقله إلى عدن وتم ترحيله الى اندونيسيا، وتوفي هناك عام 1963.
أما سكرتيره محمد بن عبود فتم تسليمه للسلطنة الكثيرية التي نفته إلى عدن، وهناك عاش بقية عمره، وحُكِم على الشيخ هود باعباد بالإعدام ومات في السجن. أما الأستاذ عمر باعباد فقد غادر البلاد،
وهرب الشاعر خميس كندي إلى المكلا ومنها إلى عدن ثم إلى الحبشة وعاش بقية عمره فيها،
وقد قال عن (الحركة) عبدالقوي مكاوي بأنها الانتفاضة التي كانت بداية ليقظة الأمة وقال المؤرخ صلاح البكري عن بن عبدات تمكن من القضاء على المظالم في المدينة، وأزال طغيان الأقوياء من أهلها على الضعفاء، ونشر العدل والأمن، وجعل الناس على اختلاف طبقاتهم سواسية في الحقوق والواجبات أما حمزة لقمان فقد وصف قائدها قائلاً: كان شامخ الأنف مرفوع الرأس" فمدّ الضباط الإنجليز أيديهم لمصافحته، معترفين ببطولته وشجاعته وثباته. فصافحهم وهو يقول لهم: "نحن لم نسلّم إلا حماية للسكان من قوتكم الغاشمة،
وسنكمل ما تبقى الأسبوع القادم باذن الله.