أين أبناؤنا عنّا في كبرنا؟
الحياة رحلة مليئة بالمحطات، نصعد في بدايتها مع أبنائنا على نفس القطار، نرعاهم بعيوننا، ونحتويهم بحبنا وتضحياتنا، حتى يكبروا ويبدأوا في بناء عوالمهم الخاصة. لكن السؤال الذي يشغل كل والد ووالدة: هل سيبقى الأبناء بجانبنا عندما يكبرون، أم ستبعدهم مشاغل الحياة؟
الأبناء هم الامتداد الطبيعي للآباء، وهم أمانة في أعناقنا. نمنحهم أجمل أيامنا وأعمق مشاعرنا، وننتظر منهم في كبرنا أن يردوا بعضًا من ذلك الجميل. ليس من باب المنة، بل من باب الوفاء والرعاية التي أوصت بها الأديان والشرائع.
ولكن، للأسف، تنشغل الحياة بالجميع، ويجد البعض أن المسافات بينهم وبين والديهم قد زادت، إما بسبب ضغوط العمل، أو بسبب عدم إدراكهم لقيمة هذه العلاقة حتى فوات الأوان. وهنا يظهر الفرق بين الأبناء الذين نشأوا على بر الوالدين وبين من غفلوا عن أهمية هذه الفضيلة.
إن وجود الأبناء بجانب والديهم في كبرهم ليس مجرد واجب ديني أو أخلاقي، بل هو صورة من صور الإنسانية العميقة التي تبني مجتمعًا مترابطًا ومتعاطفًا. فالآباء في كبرهم يحتاجون إلى الكلمة الطيبة، والحضور المستمر، والشعور بأنهم لم يصبحوا عبئًا أو نسياً منسيًا.
في نهاية المطاف، يبقى السؤال: هل غرسنا في أبنائنا منذ الصغر قيمة البر والوفاء؟ وهل كنا القدوة في البر بوالدينا؟ فالبر يبدأ منّا أولاً، وينعكس في سلوك أبنائنا معنا.