الكل يدعي المثالية، فأين يعيش السيئون في هذا العالم؟
في عالمٍ تتزاحم فيه الأصوات على ادعاء المثالية، يصبح السؤال الجوهري: أين هم السيئون؟ وكيف لا يظهرون بوضوح وسط هذا الزخم؟ يبدو أن السيئين تعلموا الاندماج بذكاء في مجتمع يسعى دائمًا لتجميل الصورة. قد يكون ذلك من خلال القناع الاجتماعي الذي يرتدونه أو من خلال قدرتهم على تبرير أفعالهم والاختباء خلف شعارات براقة.
ازدواجية المعايير
يعيش العالم اليوم في حالة من ازدواجية المعايير؛ فالأفعال التي تُعتبر خاطئة لدى البعض تُغتفر لدى آخرين إذا أُلبست برداء المصلحة أو العُرف. ومن هنا تأتي الفجوة بين القول والفعل، حيث يدعي الكثيرون الفضيلة لكنهم يسلكون طريقاً بعيداً عنها عند أول اختبار حقيقي.
المثالية كواجهة اجتماعية
المثالية ليست دائمًا انعكاسًا لحقيقة الفرد، بل أصبحت أداة للبقاء. المجتمع لا يتقبل الخطأ بسهولة، مما يدفع كثيرين لإخفاء عيوبهم وتبني واجهة زائفة. هذه الضغوط الاجتماعية تجعل السيئين لا يعترفون بعيوبهم بل يجدون طرقًا لتبريرها أو حتى إنكارها.
هل نحن حقًا بلا عيوب؟
لا يمكن إنكار أن الجميع يحمل جوانب مظلمة في داخله. الإنسان بطبيعته ليس معصومًا، والمثالية الكاملة وهم لا وجود له. لذا، ربما السيئون ليسوا في مكان بعيد عنا، بل هم في كل مكان، وقد يكونون نحن أحيانًا. الاختلاف يكمن في مدى شجاعتنا لمواجهة عيوبنا والعمل على تحسينها بدلاً من إنكارها.
واخر كلامي اقول
إذن، لا يمكن تحديد مكان محدد يعيش فيه السيئون، فهم موجودون بيننا، وربما داخلنا. ما يميزنا ليس الكمال، بل سعينا المستمر لأن نكون أفضل، أن نواجه ضعفنا ونصلحه، وأن نتوقف عن ادعاء المثالية لنبني مجتمعات أكثر صدقًا وإنسانية.
لا تدَّعِ الكمال فكلنا بشرٌ
نُخطئ، ولكن نسعى دوماً للتحسُّنِ
فالصدقُ دربُ النور، إن سلكته
ترتاحُ روحك بين الناس والزمنِ