المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 12 ديسمبر 2024
د . ندى الزين
د . ندى الزين

المعلم النرجسي وأثره المدمر على الطلاب والبيئة التعليمية



يعد المعلم حجر الزاوية في بناء النظام التعليمي، حيث يسهم بشكل كبير في تشكيل عقول الطلاب وتوجيههم نحو تطوير مهاراتهم الأكاديمية والشخصية. ولكن، عندما يتسم المعلم بصفات نرجسية، فإن هذا يؤثر بشكل سلبي على البيئة التعليمية بشكل عام وعلى تطور الطلاب بشكل خاص. النرجسية ليست مجرد حب للذات، بل هي سمة شخصية قد تكون مدمرة في السياقات التربوية، لأنها تقود صاحبها إلى وضع نفسه في مركز الاهتمام على حساب الآخرين. في هذا المقال، سنتناول تأثير المعلم النرجسي على بيئة التعليم وكيف يؤثر ذلك على الطلاب .
المعلم النرجسي عادة ما يفتقر إلى القدرة على التعاطف مع الطلاب، ويكون أكثر اهتمامًا بالحصول على الإعجاب والتقدير من المحيطين به، بدلًا من تركيزه على احتياجات الطلاب الأكاديمية والعاطفية. هذه الأنانية تؤثر بشكل كبير على العلاقة بين المعلم والطلاب، حيث يصبح المعلم محور الصف الدراسي، ويتحول الهدف من التعلم إلى إرضاء المعلم أكثر من اكتساب المعرفة أو تطوير المهارات. في بيئة يقودها معلم نرجسي، تصبح الطلاب مجرد أدوات في يد المعلم لإشباع احتياجاته الشخصية، وهذا يقوض من قدرة الطلاب على التفكير النقدي والاستقلالية .
أحد الأثر السلبي الأكبر للمعلم النرجسي هو فقدان الطلاب للثقة بأنفسهم. بما أن المعلم النرجسي عادة ما يتجاهل احتياجات الطلاب العاطفية، فإنه قد يُقلل من قيمة أفكارهم وآرائهم، ويمنحهم شعورًا بعدم الجدوى. هذه البيئة قد تؤدي إلى تراجع التحصيل الأكاديمي بسبب ضعف الدافع لدى الطلاب، حيث يصبح هدفهم الوحيد هو إرضاء المعلم وليس اكتساب المعرفة أو الفهم العميق للمادة .
إضافة إلى ذلك، قد يؤدي التسلط الذي يتسم به المعلم النرجسي إلى خلق بيئة سامة داخل الفصل. هذا المعلم يفضل أن يكون في وضع السلطة المستمرة، مما يسبب للطلاب شعورًا بالخوف والارتباك. الطلاب الذين لا يتماشون مع تصورات المعلم الشخصية قد يتعرضون للتهميش أو العقاب، وهذا يعزز الشعور بعدم المساواة داخل الصف الدراسي. وبالتالي، يتضرر التفاعل الاجتماعي بين الطلاب، حيث يشعر بعضهم بالعزلة أو التمييز .
المعلم النرجسي أيضًا قد يضعف التفكير النقدي لدى الطلاب، لأنه يُركّز على إعجاب الطلاب به بدلًا من تشجيعهم على الاستقلالية الفكرية. في بيئة كهذه، يعجز الطلاب عن التعبير عن آرائهم بحرية، لأنهم يخشون أن يُنتقدوا أو يُرفضوا من المعلم. وهذا يؤدي إلى فقدان القدرة على النقد الذاتي وتطوير مهارات اتخاذ القرارات المستقلة. في ظل هيمنة المعلم النرجسي، يصبح الفصل مكانًا يقود فيه المعلم جميع المناقشات والآراء وفقًا لرؤيته الشخصية، مما يعيق تنمية المهارات الفكرية لدى الطلاب .
من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي تأثير المعلم النرجسي إلى ظلم أكاديمي. حيث يُفضل المعلم الطلاب الذين يُظهرون ولاءً مفرطًا له أو يظهرون إعجابًا مبالغًا فيه، في حين يُهمش الطلاب الذين يعبرون عن آراء مستقلة أو لا يتماشون مع توجهاته الشخصية. هذه المعاملة التفضيلية تؤدي إلى خلل في التقييمات الأكاديمية، مما يؤثر على العدالة داخل الصف الدراسي ويُشعر الطلاب بالإحباط .
للتعامل مع هذه المشكلة، يجب أن يكون هناك مراقبة و إشراف مستمر على سلوك المعلمين. يجب أن تتوفر برامج تدريبية تساعد المعلمين على فهم تأثير النرجسية على الطلاب وطرق التعامل مع هذه السمة الشخصية. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري أن يتمكن الطلاب من تقديم ملاحظات حول سلوك المعلمين وتعرضها للمراجعة، بهدف الحفاظ على بيئة تعليمية عادلة وداعمة .
من المهم أن نُدرك أن تأثير المعلم النرجسي على الطلاب قد يكون مدمرًا، حيث يؤدي إلى تراجع التفكير النقدي و التحصيل الأكاديمي. لذا، ينبغي تعزيز دور المعلمين في فهم الاحتياجات العاطفية والاجتماعية للطلاب، والعمل على خلق بيئة تعليمية تُشجع على الاستقلالية والتفكير النقدي بعيدًا عن أي تأثيرات سلبية قد تضر بتطور الطلاب الأكاديمي والشخصي .
بواسطة : د . ندى الزين
 0  0  5.0K