حبني او حب غيري
على رسلك عزيزي القاريء.. قبل ان نتبادل كلمات الحب والغرام . وقبل ان نتذكر بطولات قيس وليلى عن الحب وغيرهم من المحبين والولهانين . هناك ماهوا اسمى من ذالك الحب . فبدونه لاينفع الحب والعشق والغرام .
* * الذي نتراقص عليه . وتتمايل رؤسنا طربا عند سماعه .. إنها ( الرحمة ) إن الرحمة أعمق من الحب . الرحمة عاطفة إنسانية راقية . فيها الحب وفيها التضحية وفيها إنكار الذات والتسامح والعطف والعفو والكرم .. كلنا قادرون على الحب بحكم الجبلة البشرية .
* *وقليل منا هم القادرون على الرحمة .. لذلك جاء في كتاب الله عز وجل تذكير عن الزواج بالرحمة والمودة والسكن ولم يذكر كلمة واحدة عن الحب . محطما بذلك صنم العصر ومعبوده . والذين مارسوا الحياة وباشروها بحلوها ومرها يعرفون مدى عمق وأصالة وصدق هذه الكلمات ..
ليس في هذه الكلمات مصادرة للحب أو الغاء الشهوة . وإنما هي توكيد وبيان بأن ممارسة الحب والشهوة بدون إطار من الرحمة والمودة والشرعية . هوا عبث لابد أن ينتهي للاحباط .. والحيوانات تمارس الحب والشهوة وتتبادل الغزل . وإنما الانسان وحده هوا الذي امتاز بهذا الاطار من المودة والرحمة والرأفة . لانه هوا وحده الذي استطاع أن يستعلي على شهوته . فيصوم وهو جائع ويتعفف وهو مشتاق .. الرحمة ليست ضعفا إنما هي غاية القوة . لانها إستعلاء على الحيوانيه والبهيميه والظلمه الشهوانيه ..
* *الرحمة هي النور والشهوة هي النار . وأهل الرحمة هم أهل النور والصفاء والبهاء . وهم الوجهاء حقا .. والقسوة جبن والرحمة شجاعة . ولا يؤتى الرحمة إلا كل شجاع كريم نبيل . ولا يشتغل بالانتقام والتنكيل إلا أهل الخسة والوضاعه . الرحمة هي خاتم الجنة على جباه السعداء الموعودين من أهل الارض . تعرفهم بسيماهم وسمتهم . وعلامة الرحيم هي الهدوء والسكينة والسماحة ورحابة الصدر والحلم والوداعة والصبر والتريث ومراجعة النفس قبل الاندفاع في ردود الانفعال . وعدم التهالك على الحظوظ العاجله والمنافع الشخصيه . والتنزه عن الغل وضبط الشهوة وطول التفكير وحب الصمت .. الرحيم بداخله نور يؤنسه . وهو في حوار دائم مع الحق وفي بسطة دائما مع الخلق .. الرحماء قليلون وهم أركان الدنيا وأوتادها التي يحفظ بها الله سبحانه الأرض ومن عليها .
ولا تقوم القيامة إلا حينما تنفد الرحمه من القلوب ويتفشى الغل وتسوده الماديه وتنفرد الشهوات بمصير الناس . فينهار بنيان الأرض وتتهدم هياكلها من القواعد .. فدعك عزيزي القاريء من الحب والغرام .. فلا تحبني أو تحب غيري إذا لم تعرف معنى الرحمة بعد . وإذا لم يكن للرحمة منزلة في ذاتك .. اللهم لا رحمة إلا بك ومنك وإليك .