المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 26 ديسمبر 2024
ا.د. محمد حمد خليص الحربي
ا.د. محمد حمد خليص الحربي

عن ا.د. محمد حمد خليص الحربي

اديب وكاتب ، المدينة المنورة
عضو شرف صحيفة غرب الاخبارية

بحر العُلا


الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده...سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم:

اما بعد...."ربي اشرح لي صدري ويسر لي امري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي" الاحبة الكرام . احييكم بتحية الاسلام...فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...

"بحر العلا"

كلنا نعلم ان مدينة العلا ليست ساحلية ولا تطل على البحر ... واليوم سآخذكم برحلة فريدة من نوعها وسوف اريكم صور جميلة اخذت على شواطئ بحر العلا .

وفي هذه الصور سنشاهد سويا كل حالات البحر من ركود وهيجان وارتفاع امواج وعمق سحيق وشواطئ صافية تشد الروح ويعشقها كل من يحب الجمال ويستمتع به كل من يعشق الجمال ويحب الصفاء والنسمات العليلة التي لا يشوبها التلوث في بيئة نقية طبيعية صحية.

قد يقول قائل .. انه *يهرف .. وماذا يقول.. وماذا يقصد.. ومن أين أتى بالبحر.. والصور وماذا سنرى؟

بحرنا اليوم هو بحر عرفتموه وعايشتموه بحر للعلا ومنها تراه هادئا رقراقا يتفاعل مع احداث الوطن وخاصه العلا فتجده هائج الموج وموجاته لا يكسرها الشاطئ بل يزيدها حده وارتفاع.. تتلاطم امواجه لتشجب كل خطاء.. بحرنا اليوم غريب نوعا ما فهو يتفاعل مع الاحداث ويتقلب بتقلبها.

نعم انه بحر لجي في جوفه الدرّ والاحجار الكريمه وفي اعماقة كنوز مطمورة تحتاج الى استخراجها .. كلنا قد ابحرنا من خلاله الى الافاق ..

وبحرنا بحر عذب الماء والمورد ينساب سلسال صافيا و نقيا فيسلب الألباب لروعته وجماله ويروي الأرواح ، نعم انني اعتبره بحر و واطلق عليه اسم بحر العلا فهو فعلا جدير بأن يكون بحرا معطاء. فهو بحر من الشعر.. وبحر من دماثه الأخلاق أصيل طيب الطباع كريم الخلق ، انه شاعرنا المحبوب ابن العلا البار انه الاستاذ الشاعر المحبوب الشاعر عبد الرحمن عبدالعزيز البريكيت الذي يطلق على نفسه (شاعر المساء). وفي هذه الليله سوف نبحر سويا في حنايا ديوانيه الشعري (وقفات في مسافة الجرح) والذي صدر في عام 1429ه* والذي اضاف للمكتبه العربيه ديوان جميل نفتخر ونعتز به خاصه نحن ابناء العلا. فتعالوا معي نصعد قار المجد وندف في مجاديف الفخر والإعتزاز في بحر العلا ونخوض غماره لنرتوي من نبعه.

شاعرنا الكريم بدأ الديوان بقصيده بعنوان ((ألهى)) وهى قصيده جميله تدل على عمق ايمانه يقول في مطلعها:-

الهي قد اتيتك في خشوعى **** وقلبي بالأسى يبدي خضوعي

مددت بيديّ نحوك ياعظيم **** وذنبي اذ تغسله دموعي

إلى أن يقول:

فحاسبنى بجودك لا بفعلي *** فعفوك يرتجيه من دعاك

ثم يتغزل بالوطن وحب الوطن في عدة قصائد منها قصيدة (وطن وقافية) التى يبدأها بقوله:

نهارك وردي وليلك أنظر*** ومجدك مزهو وعزّك مزهر

وكذلك قصيدة (تلاحم المجد) التى يقول في مطلعها:

سجل مفاخر هذا المجد يا قلم *** فصفحه العز بالأمجاد تزدحم.

وهو حين يتغنى بالوطن يظهر للملتقى عمق حبه للوطن ومشاركة الوطن همومه وتمنياته بأن يكون الوطن في المكان المرموق الذى يتمناه ونتمناه له وبما يليق به. فهذا الوطن الذي حباه الله بالحرمين الشريفين وسخر له الأمن والأمان بفضل منه ثم بفضل الحكومة الرشيدة التي تحكم شرع الله وتقيم حدوده وتحرص على شمول العدل والمساواة بين كل من يعيش على ارضها الكريمة والعزيزة.

وشاعرنا بحر العلا لم يهمل أي مناسبة تمر فيها العلا إلا واشبعها بأشعاره الجزلة والجيدة التي ترفع الراس ، فكم رحب بضيوف العلا وزوارها ، وكم كان في مقدمة المستقبلين لهم والمرحبين فيهم ، ولم تمر مناسبة سعيدة على العلا الا رصدها ودونها ووثقها بقصيدة عصماء، ولع في الرثاء ما يحزن القلب ويفطر الكبد ، فقد رثى والده رحمه الله بقصيدة بعنوان (رحماك ربي) يقول فيها:

يا موت ما بك إذ هدمت كياني *** وجعلت قلبي دائم الأحزان

مزقت اضلاعي بكل مرارة **** وبنيت أسوارا من الأحزان

وتركت دمعي جاريا متدفقا *** بفراق رمز الحب والتحنان

ومنها ايضا يقول:

أبتي وتدركني السنون فلا ارى *** كفا لتمسح احرف الأحزان

وتكاد تصرعني الهموم بقسوة *** وتأجج الذكرى لظى نيراني

والقصيدة طويلة من تسعة وعشرين بيتا ، نسأل الله ان يتغمد والده برحمته هو ووالدي وجميع موتى المسلمين.

والديوان حوى خمس وخمسين قصيدة جزله منها القصيدة الرئيسة والتي سمي الديوان عليها وعي قصيدة بعنوان (وقفات على مسافة الجرح) وهي قصيدة جميلة تتحدث عن هم ومعاناة العالم الإسلامي في قضيته الرئيسية وهي القضية الفلسطينية ، يقول في مطلعها:

وطن يــذل وأمـــة تتفــــــــرق *** ودم الكرامة نازف يتدفق

ومآذن الأقصى تنوح ولا ترى *** إلا يهودا بالمدافع طوقوا

قتلوا الطفولة في طهارة مهدها *** وعلى ثرى القدس البراءة أزهقوا

سفكوا الدماء بكل حقد أسود *** وجرائم في كل حين تنطق

الى ان يقول:

سقطت سيوف الذائدين فلا تعي *** وغدت نصال رماحها تتفتق

وتحطمت كل الدروع بشجبها **** وبدت إدانتها الشعار الأليق

ويختم القصيدة بالإشادة بالشعب الفلسطيني المرابط الأبي بـقوله:

وعلى ثرى مسرى النبي محمد *** كتبوا لنا بدم أبي يعبق

إما الحياة بعزة وكرامة *** أو موتة فيها الشهادة تصدق

وبحرنا لم يكتفي بنظم قصائد المناسبات فحسب بل شارك في كتابة الكثير من الملاحم والأناشيد والأوبريتات الوطنية والمحلية وخاصة ما يهم العلا ويساهم في قضاياها ومطالبها وبث شكواها ، ويحرص على حضورها في المهرجانات الوطنية وكل ما من شأنه الرقي بالعلا الى مكانها المرموق، فهي تستحق ذلك بجدارة ، فهي عاصمة التاريخ والآثار في مملكتنا الحبيبة وهي موطن الحب والمحبين ، وعروس الجبال ولؤلؤة الشمال.

في الحقية ان الديوان شيق ولولا ضيق الوقت لنستعرضه كاملا ولكن ماذا استطيع ان اقول امام زخم بحر هادر.. فهذا ما سمح به الوقت على امل ان نتواصل لنستكمل ما بدأنا به لعلنا نحاول ان نفي شاعرنا العزيز عبدالرحمن بن عبدالعزيز بريكيت .. بحر العلا .. او شاعر المساء كما عرف به. ولو بجزء مما يستحقه من شكر وثناء ودعاء له بالتوفيق والسداد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

أديب وكاتب سعودي – مكة المكرمة
 1  0  14.7K