مقامة الوفا لمعلميّ النجاء

لمعلميّ النجاء ماذا أقول فمي يبحث عن فمي والمفردات حجارة وتراب
السلام على من بث في روحي العزيمة, واخمد فيها ذل الهزيمة, السلام على من علمني الحروف, وابعدني عن الجهل المخوف.
يا شمعة في زوايا الصف تأتلق
تنير درب المعالي وهي تحترق
لا أطفأ الله نورا أنت مصدره
يا صادق الفجر أنت الفجر والفلق
مشايخي الجهابذة العظام، أساتذتي المخلصين الكرام, ابتهل أن تكنوا بخير, وأن تسعكم رحمة الرحيم الخبير, فالسؤال عنكم عادة, والشوق لرؤياكم دومًا في زيادة, فأنتم من اشعل في الوجدان قنديلًا ومصباحًا, حتى أضئنا بها عقولٍ وارواحا, قد أتقنتم التقديم وفن التدريس, حتى عرفنا نو و يس, فأسقيتمونا من ينابيع الحكمة, حتى انجلت عنا الغمة وعمت علينا النعمة, جمعتم لنا أجل الفضائل, وؤطأتم فينا أرقى الشمائل, قدمتم أبهى وأدق الدروس, حتى رسمتها الأقلام ووعتها الرؤوس, فكان لكم جهدٌ ملحوظ مذكور, وبالذكر دومًا مشكور . اخلصتم وبرأتم الأمانة, وحاشاكم الضعة والخيانة, فمازال علمكم عليَّ كالسحاب الماطر, يسلى ويتنعم به الخاطر, فهو لي أرفع جائزة, والنفس به فائزة.
إن المعلم قدوة
في الناس مرفوع الجناب
والنشء يذكر فضله
حتى يوارى في التراب
أزف لكم أجمل بشاره أن الغرس أثمر, أدناه أحلا من السمن والتمر, وأعلاه لامس القمر, هذا كله من جهدكم يرفع فخرا رؤوسكم, فليت تلك الأيام ترجع, فنخلدها للأنام مقاصد ومراجع، سروركم أنا حمالنا عملكم, وتخلقنا بأخلاقكم, وسرنا على دربكم وخطاكم.
فيا معلما لا تيأسن فلن
يجف روضك فهو العاطر العبق
وسوف تلقى جزاء الضعف مدخرا
فعش قريرا ولا يقعد بك القلق
وددت أن أخص لكل قامة منكم مقامة, تمجدها الخاصة وتحفظها العامة, لكن خير الكلام ما قل وعلى المطلوب دل وانصقل.
لكم أخلص الدعاء, اقدمه لكم في أجمل وأنفس وعاء, فالشكر لكم يجفف المحابر والأقلام, والله بصدق خبري علام, فأنا لكم بار وفيِّ ابن رجلًا تقي حفيِّ.