عن (تعميم!) تعليم الصينيةا
.
إشارة إلى الرغبة في (تعميم) تعلّم اللغة الصينية، عندنا، فهل لي أن أقول بأن -من حيث المبدا: تعلم اللغات عمل نبيل، بل و ضروري!
*و لكن..* يحسن أن يكون ذلك (بعد) تحقق جودة تعلم لغة الأم، و بدون (رفع المنصوب بالكسرة في العربية عندنا)، و هو ما نلاحظه (نسمعه و نقرأه و نراه) على مدى الأيام!
فالذي أراه هو ألاّ نسارع بتعميم اللغة الصينية أو غيرها (فيما عدا الإنگليزية.. التي كنا قد دأبنا عليها منذ قرابة قرن..)
و الذي أراه.. هو أن نتحاشي *'تعميم'* اللغة الصينية (أو مثلها أو غيرها)، اللهم إلاً في نطاق مجالات تنموية معينة، و ذلك بإقامة معاهد مقتدرة لتعليم اللغات (ألألسُن)..
*و ذلك لتخدم:-*
1. الغرف التجارية و الصناعية، مثلاّ؛ و بما يحقق التواصل الفعّال في التعاملات التجارية و الاستثمارات المتبادلة و في الشركات التعددية.. مع الصين و تايوان و سِنگاپورا، مثلاً؛
2. و كذلك بما يخدم المهام الدبلوماسية لقنصلياتنا و سفاراتنا هناك؛
3. و لخدمة و دعم بعثاتنا الدراسية الجامعية و غيرها؛ و مشاريع البحوث المشتركة التضافرية مع الصين و من هم في فلكها؛
4. أو لأخذ دروس، او 'كورسات'، او دبلومات في اللغة؛ لمهام محددة رياضية، أو ترفيهية أو شبابية أو تطوعية..
و من تجربتنا مع اللغات، فلعلنا توفقنا بالإنگليزية (و لو بمستويات متفاوتة!)؛
و لعل في هذا ما يكفي و يوفي، خاصة إن نحن أحسَنّا تعليم و تعلِّم كل من العربية و الإنگليزية.. و إذا بلغنا مستوى الجودة اللائقة في كليهما.
و كذلك كنا قد ولجنا تجربةً (حول بداية ستينات القرن الماضي، العشرين) حينما -في حالة تلك التجربة، و في تلك الفترة- تقرر ادخال الفرنسية؛ و كنتُ ممن مَرّوا بتلك التجربة، و كان ذلك في عهد المرحوم الملك سعود، حين درَسناها في الصف الحادي عشر و الثاني عشر من المرحلة الثانوية من مرحلة التعليم العام.
و كان منا من استفاد من ذلك (إلى حد ما)، ربما خلال بعض السفر الى جهة أو جهتين في اورپا؛ و ربما واصل (بعضنا) تعاطي تلك اللغة بين الحين و الآخر.. بشكل أو آخر محدود!؛ لكن تلك التجربة ذهبت ادراج الماضي و النسيان في منظومتنا التعليمية، و صارت ضمن مجرد الذكرى عند غالبيتنا.
بالنسبة لي، صار عندي، إلى الآن، ما مجموعه 5 لغات. فلقد كنت قد بدأت، مثل غيري من التلاميذ في بلدنا هنا، تعلم اللغات الاجنبية بعد ست سنوات دراسية من تعلم و استعمال اللغة الأم/العربية؛ و مع حلول السنة الأولى المتوسطة/الإعدادية(الصف الدراسي السابع في مرحلة التعليم العام) بدأنا تعلم اللغة الإنگليزية بدءاً بألفبائها.
و بعد المضي بالعربية، ثم إضافة الإنگليزية، حصل أن تقرر في أواخر الخمسينات الميلادية، إدخال اللغة الفرنسية في الصفين الحادي عشر و الثاني عشر الثانويين، و لكن فقط في 'القسم الادبي' منهما؛
ثم، حدث لي، قبل 60 عاماً، و بعد بدء بعثتي الدراسية الجامعية الى امريكا، حيث الدراسة بالطبع كلها باللغة الإنگليزية، فأخذتُ مادة إضافية في الادب الفرنسي؛
و بعدها في النصف الثاني من مرحلة البكالوريوس في الستينات من نفس القرن الماضي، حدث أن أخذت أربع مواد في العبرية و أتممتها بإمتياز.
و قبل 31 عاماً، سنحَ لي، و انا استاذ زائر بجامعة البحرين، أن آخذ دروساً في اللغة الياپانية حين كان -من حسن الطالع- أن عرضت شركة نومورا Nomura المالية الياپانية تقديم مادة اللغة الياپانية للراغبين من منسوبي تلك الجامعة؛ ثم واصلت اهتمامي بهذه اللغة من وقت لآخر.
و لكني فوجئت منذ البداية بأن حروف الهجاء فيها تصل إلى 49 'شكلاً'؛ و في طقمين، أحدهما للكلمات المحلية، و الآخر للكلمات الأجنبية؛ ثم علمتُ أنّ طلابهم بحلول المرحلة الثانوية في الياپان يلزمهم إضافة اتقان كتابة و نطق و سماع و قراءة 2000 شكلاً من حوالي 50000 شكلاً أصله في الطريقة الصينية!
*أما في الصين ذاتها، فهناك أعداد تكاد تكون لا محدودة من الأشكال/الحروف؛ إضافة إلى ما هو أدهي، و هو إخراج نغمات (و نبرات) نطق مفردة (ما/Ma)، على سبيل المثال، حيث يمكن بالتأكيد أن تعني عدة معانٍ قد تصل إلى اربعة، ثم قد تصل إلى ثمانية معانٍ تختلف و تبعد الواحدة منها بُعدَ المشرقين أو المغربين، بناءٌ على اختلاف درجة النغمة أو النبرة!
فهل لي أن اختم هنا بالقول بأنه يحسن أن نعطى الأولوية في توجيه الطاقات و الموارد إلى إتقان لغتنا *المحلية،* و الأخذ بناصية جودة اللغة العربية، فنضمن، بخاصة: إتقان صياغة الفعل و الفاعل و المفعول؛ و سرد (إسم كانَ و خبرها)؛ (و معها (إسم إنّ و خبرها ..و مروراً بالمبتدأ و الخبر!
حيث يُلاحظُ -بمزيدٍ من الأسى و الحسرة- ضعف العربية عند طلابنا -و عند جُلِّ راشدينا- بما يقارب *رفع.المنصوب.بالكسرة!*