المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 26 ديسمبر 2024
طارق محمود نواب _ سفير غرب
طارق محمود نواب _ سفير غرب

وتجري الرياح بما لا تشتهي السفن

كلنا يرسم في خياله الكثير من الاحلام والأماني التي يحلم إلى تحقيقها في اقرب وقت ممكن، فمنا من يستطيع تحقيق هذه الأحلام، ومنا من لم يحالفه الحظ لذلك وعندما يبحث عن جوهر الحياة وطرق الحصول على السعادة والرضا، والوصول لأرض الأحلام الخضراء التي تتجمع بها كل أمانينا وأحلامنا التي نسعى لتحقيقها نتفاجأ بأن ما نحاول التمسك به يهرب منا، ويحلق بعيداً عنا كلما قررنا أن نقترب منه أو حاولنا الوصول إليه.
وعلى الصعيد المقابل لذلك، أحيانا تأتينا الرياح بما لا تشتهيه سفننا وما لا نفكر فيه ولا نتحدث عنه أو بمعنى أدق نراه يقترب منا وكأنه يجزم بأنه سيأتينا رغماً عنا. لكن هل فكرت يوماً لماذا يحدث ذلك؟ لماذا يقترب منا مالا نفكر فيه كثيراً ويبتعد عنا مالا نحمل له هماً؟ فهناك حقيقة عامة بأن الأشياء التي نسعى جاهدين للحصول عليها قد تكون الأكثر تحدياً لتحقيقها، بينما الأشياء التي ننساها ولا نتحدث عنها تأتي لنا بسهولة أكبر.
فهذه حقيقة ولا يمكن نكرانها وذلك وببساطة لأننا حينما نسعى جاهدين لنحصل على نتيجة ما نفقد التركيز على العملية ذاتها ونفكر فقط بتلك النتائج. فنجد دائماً أننا عندما نتحدث عن النجاح والتفوق في الحياة، يتبادر إلى أذهاننا عادةً النتائج وتحقيق الأهداف المحددة وكيف سنكون حينها، ولا نفكر بخطوات العملية وبالتحديات التي قد تتعرض لها. وعلى سبيل ذلك، عندما يبدأ شاب مشروع ما لأنه بحاجة إلى مصدر دخل نراه يفكر في حجم المبلغ كم سيكون؟ ومتى سيأتي؟ وغيرها كثير من التساؤلات، ويتجاهل أو يغفل عن عوامل أخرى مهمة يجب أن يأخذها في الاعتبار، كالتفكير في خطوات المشروع وتطوير تلك العملية والمراحل التي تمر بها. لكنه عندما يركز بشكل قوي ومباشر على العمل ذاته ويسعى لإنتاج الشيء بأفضل طريقة ممكنة، فإن النتائج الإيجابية والمبهرة لن تكون سوى نتيجة طبيعية لما قام به، بل وبالإضافة إلى ذلك، ففي كل مرة سيعمل على إنتاج شيء سيقوم بإنتاجه بطريقة أفضل مما سبقتها بمراحل. فالتركيز المفرط على النتائج ما هو إلا تجاهل للفرص والتجارب الأخرى التي قد تكون لها تأثير إيجابي كبير على حياتنا.
حينها فقط وعندما ينسى أو يتناسى أمر النتائج سيراها تهرول إليه وتأتي من حيث لا يحتسب! وذلك لأنه عمل وبصمت، حيث عمل فقط وركز على العملية ذاتها ولم يبالي للنتائج أو بالأحرى لم يبالي لسرعة تحقيق النتائج فكل ما كان يهمه حينها هو أنه يعمل... يجتهد... يطور... وينجح، ولا يهمه شيء آخر.
وذلك ما قد يعتقد البعض أو الكثير منا أنه سر كبير للنجاح يخفيه الناجحون ولا احد غيرهم يعلم عنه شيئاً لكنه أبسط مما نتخيل بكثير. وهناك على ذلك من الأمثال كثيرجدا، فمثلا ألبرت اينشتاين الذي قال: "لا تطارد النجاح، بل ابحث عن قيمة. لأنه إذا كانت لديك قيمة، فإن النجاح سيتبع." وبالفعل ابحث عن القيمة وابحث عن العمل والعملية سيأتيك النجاح والمال وكل ما كنت تسعى إليه منذ البداية.
لذا، يمكننا القول بشكل عام أن التمسك المفرط بالأشياء والتركيز الشديد عليها قد يقف في طريق تحقيقها ويتلف انسيابية تحققها، بينما من الأفضل أن نكون مستعدين للفرص والتجارب الجديدة وأن ننسى بعض الأشياء ولا نتحدث عنها بشكل دائم. فالحياة مليئة بمفاجآت وفرص وتحديات غير متوقعة، وعندما نكون مرنين ومستعدين للتكيف والتغيير، فإن الحياة قادرة على تقديم مزيد من الأشياء التي تسعدنا وتجلب لنا السعادة.
 0  0  13.2K