حضرموت تحت الصِفر
في الأسبوع الماضي تحدثت عن معلِّمي حضرموت ووقفتهم الاحتجاجية الحضارية أمام ديوان المحافظة تصعيداً للإضراب الذي نفذوه من قبل على أمل أن تنظر لهم قيادة المحافظة بعين الاعتبار لإعطائهم شيئا ولو قليلاً من حقوقهم المشروعة بعد أن أصبح ما يتقاضونه شهرياً لا يصل الى مئتي ريال سعودي فبالله عليكم كيف بهذا المبلغ سيصرف على اسرته وأهله وأولاده؟ كيف سيكون أداؤه وحضوره امام تلاميذه وهو لم يستطع شراء بعض الأساسيات للقوت اليومي داخل المنزل ناهيك عن الكماليات مثل كيلو موز في الأسبوع أو ما شابهه من الفواكه الأخرى التي أتخمت بطون أولاد كبار المسؤولين كيف سيكون أداؤه وهو يعلّم الطلاب عن حضرموت الخير وحضرموت الثقافة والثروة وهو بالكاد يجد ما يسد رمقه كيف ستكون حالته النفسية ووسائل التواصل تنقل أخبار حفل زواج ابن المسؤول الفلاني او الوزير العلّاني في أرقى صالات الأفراح في بعض عواصم الدول العربية وتتحدث الأنباء عن التكاليف المهولة لهذه الحفلات لفلذات أكبادهم والتي ما كانت لتكون لو لم يكونوا في هذه المناصب التي تسلقوها في غفلة من الزمن،
ولو أنهم أنفقوا نصف ما صرفوه على هذه الحفلات على الفقراء والمحتاجين ممن تولّوا أمرهم لربما وجدوا البركة الفورية على أنفسهم وبنيهم ولكن فاقد الشيء لا يعطيه.
بعد مقالي الأسبوع الماضي (مُعلِّمي حضرموت)
أرسل لي أحد الأخوة رسالة استفسارية يقول فيها:
أين الناشطين والإعلاميين المشهورين بحضرموت من وقفات المعلمين واضرابهم؟
أما تتذكروا كيف كانوا أيام ما كان اللواء فرج سالمين البحسني محافظاً كانوا في اليوم الواحد يكتبون عشرين منشوراً ورسائل صوتية ومساحات تويترية على أبسط موضوع (انتقاد وتحريض وسب وشتم)
واليوم المعلمين يدخل إضرابهم الشهر الثالث وأقاموا ثلاث وقفات احتجاجية وهم جميعاً على الصامت (ساكت ولا كلمة) وقال: هل عرفتم الآن يا معشر المواطنين كم من الكذب والافتراء يقدموه لكم واتضحت حقيقتهم فما هم الا أدوات مسخرة لخدمة الظالمين والمستكبرين وخدمة مشروعهم بثمنٍ بخس،
وطبعاً كتب لي قائمة طويلة بالأسماء الرنّانة وأنا هنا أترفع عن ذكر أي أسم وإن كان حزّ في نفسي صمت أحد الرفاق الإعلاميين الذي ما عرفته من خلال كتاباته ومواقفه إلا رافضاً للظلم والظالمين فماذا جرى له؟
وأعجبني أحد ناشطي الفيسبوك قال لي أنه دعاه مسؤول كبير وأعطاه مئتي ألف ريال يمني فقال قلت له أتظن أنك ممكن تشتري سكوتي بها فألقيتها على مكتبه وخرجت من عنده.
هذا جزء من الحال الذي وصلت اليه حضرموت
وما زلت أتذكر ما جرى في رمضان من تدافع للدخول الى قاعة الدكتور علي هود باعبّاد برئاسة جامعة حضرموت التي يفترض انها قاعة للمؤتمرات العلمية واحتفالات الخريجين الجامعيين ولكنهم أقاموا فيها معرض للسلع الغذائية الرمضانية وعلى اعتبار انها مخفضة الأسعار، وقبل التدافع تلك الطوابير المهينة والمذلّة للرجال والنساء وجلوسهم على الاسفلت الحار طوال ساعات النهار وفي درجة حرارة عالية.
دخلت الأربعينية الصيفية وترتفع الحرارة والرطوبة الشديدة في مدن ساحل حضرموت وفي المكلا على وجه التحديد ومشكلة الكهرباء من سيءٍ الى أسوأ ولأن كبار القوم صيفهم بارد طوال العام ستبقى المشكلة (محلك سِر)
سمعت في مساحة لأحد الناشطين وهو يتحدث بأسى وحرقة عن ما وصل اليه الحال حتى عند من نطلق عليهم العُقّال وكبار السِن في الوديان، فقال هناك ساقية تم إصلاحها بعد أن تضررت من السيول وتم دعوة المسؤول المبجّل لافتتاحها ووعدهم المجيء في الصباح فتوافد الشيبان من كافة قرى الوادي وبعضهم تحركوا من بيوتهم في آخر الليل وصلّوا الفجر في الموقع، فقال سألت بعضهم ما الذي دفعكم لذلك فقال نبغى نشوف المسؤول ونسلّم عليه وتظهر صورنا في القنوات الناقلة، فقال هذا الناشط إذا كان قد وصل بنا الحال الى هذا الواقع المرير فيبدو أن المشوار طويل وطويل جداً.
وفعلاً حضرموت أصبحت تحت الصِفر أو قل إنها تحت خط الفقر وهي التي يفترض أن تكون غنية بثرواتها وغنية بتاريخها وفوق هذا الإنسان الذي هو أغلى الثروات فمتى تؤتي التنمية البشرية ثمارها بعيدا عن العنصريين والمستكبرين والمرضى النفسيين؟
ولو أنهم أنفقوا نصف ما صرفوه على هذه الحفلات على الفقراء والمحتاجين ممن تولّوا أمرهم لربما وجدوا البركة الفورية على أنفسهم وبنيهم ولكن فاقد الشيء لا يعطيه.
بعد مقالي الأسبوع الماضي (مُعلِّمي حضرموت)
أرسل لي أحد الأخوة رسالة استفسارية يقول فيها:
أين الناشطين والإعلاميين المشهورين بحضرموت من وقفات المعلمين واضرابهم؟
أما تتذكروا كيف كانوا أيام ما كان اللواء فرج سالمين البحسني محافظاً كانوا في اليوم الواحد يكتبون عشرين منشوراً ورسائل صوتية ومساحات تويترية على أبسط موضوع (انتقاد وتحريض وسب وشتم)
واليوم المعلمين يدخل إضرابهم الشهر الثالث وأقاموا ثلاث وقفات احتجاجية وهم جميعاً على الصامت (ساكت ولا كلمة) وقال: هل عرفتم الآن يا معشر المواطنين كم من الكذب والافتراء يقدموه لكم واتضحت حقيقتهم فما هم الا أدوات مسخرة لخدمة الظالمين والمستكبرين وخدمة مشروعهم بثمنٍ بخس،
وطبعاً كتب لي قائمة طويلة بالأسماء الرنّانة وأنا هنا أترفع عن ذكر أي أسم وإن كان حزّ في نفسي صمت أحد الرفاق الإعلاميين الذي ما عرفته من خلال كتاباته ومواقفه إلا رافضاً للظلم والظالمين فماذا جرى له؟
وأعجبني أحد ناشطي الفيسبوك قال لي أنه دعاه مسؤول كبير وأعطاه مئتي ألف ريال يمني فقال قلت له أتظن أنك ممكن تشتري سكوتي بها فألقيتها على مكتبه وخرجت من عنده.
هذا جزء من الحال الذي وصلت اليه حضرموت
وما زلت أتذكر ما جرى في رمضان من تدافع للدخول الى قاعة الدكتور علي هود باعبّاد برئاسة جامعة حضرموت التي يفترض انها قاعة للمؤتمرات العلمية واحتفالات الخريجين الجامعيين ولكنهم أقاموا فيها معرض للسلع الغذائية الرمضانية وعلى اعتبار انها مخفضة الأسعار، وقبل التدافع تلك الطوابير المهينة والمذلّة للرجال والنساء وجلوسهم على الاسفلت الحار طوال ساعات النهار وفي درجة حرارة عالية.
دخلت الأربعينية الصيفية وترتفع الحرارة والرطوبة الشديدة في مدن ساحل حضرموت وفي المكلا على وجه التحديد ومشكلة الكهرباء من سيءٍ الى أسوأ ولأن كبار القوم صيفهم بارد طوال العام ستبقى المشكلة (محلك سِر)
سمعت في مساحة لأحد الناشطين وهو يتحدث بأسى وحرقة عن ما وصل اليه الحال حتى عند من نطلق عليهم العُقّال وكبار السِن في الوديان، فقال هناك ساقية تم إصلاحها بعد أن تضررت من السيول وتم دعوة المسؤول المبجّل لافتتاحها ووعدهم المجيء في الصباح فتوافد الشيبان من كافة قرى الوادي وبعضهم تحركوا من بيوتهم في آخر الليل وصلّوا الفجر في الموقع، فقال سألت بعضهم ما الذي دفعكم لذلك فقال نبغى نشوف المسؤول ونسلّم عليه وتظهر صورنا في القنوات الناقلة، فقال هذا الناشط إذا كان قد وصل بنا الحال الى هذا الواقع المرير فيبدو أن المشوار طويل وطويل جداً.
وفعلاً حضرموت أصبحت تحت الصِفر أو قل إنها تحت خط الفقر وهي التي يفترض أن تكون غنية بثرواتها وغنية بتاريخها وفوق هذا الإنسان الذي هو أغلى الثروات فمتى تؤتي التنمية البشرية ثمارها بعيدا عن العنصريين والمستكبرين والمرضى النفسيين؟