المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
طارق محمود نواب _ سفير غرب
طارق محمود نواب _ سفير غرب

ويبقى الود سيد اي شعور

نحن نعيش الحياة دائماً على مفترق طرق، ونواجه في بعض الأحيان فترات من الضعف والتحديات. فلا يفهم شعورنا أحد أثناء الصدمة ولا يقدر أحد على إدراك مالا يمكن تحليله وتفسيره الا بداخلنا. فلا احد يفهم تلك المشاعر الثائرة التي تنشأ في أعماقنا وتعصف بنا بقوة هائلة، وحتى نحن......نجد صعوبة في فهمها بشكل كامل. فالحزن، و الغضب، و الخيبة و الفزع يتلاعبون في اروحنا كأمواجٍ هائجة، ومع ذلك فإننا نظل هادئين، نبتسم، ونحاول الاحتفاظ بالهدوء في الوجه الخارجي فقط.
وعلى الرغم من ذلك، ينمو بداخلنا بركان لا يطاق من المشاعر، وتحترق قلوبنا بشكل لا يمكن وصفه،فنحن نعاني وفي حين ذلك نجد صعوبة في التعبير عن ما نشعر به بشكل مباشر، فكلماتنا تفقد معناها، ونشعر بالعجز عن إيصال تلك المشاعر الداخلية للآخرين. وهكذا، نبتسم في الظاهر ونضحك، ولكن في أعماقنا نحترق وينفجر البركان.
وما نلبث إلى أن تتحول تلك اللحظات للحظات رائعة عندما يظهر شخص ما في حياتنا، شخص يمتلك القدرة الخاصة على فهم ما بداخلنا دون أن نتحدث وهذا الشخص يكشف الستار عن براكيننا الداخلية، ويشعرنا بأننا لسنا وحدنا في تلك الصدمة والألم الذي نعيشه،وقد يكون ذلك من خلال نظرة في عيونه، أو لمسة يده، أو حتى ببساطة عن طريق وجوده بجوارنا دون أن يقول شيئاً.
وفي تلك اللحظات النادرة، نشعر بالارتياح والاطمئنان، وذلك لأننا ندرك بأن هناك شخصاً يتقاسم معنا الصدمة والألم، ويفهم بدقة ما نمر به. والجميل في ذلك، أن الشخص الذي يفهمنا لا يحتاج إلى تفسير لما نشعر به، فهو يعي بالفعل تلك المشاعر العميقة التي تجتاحنا، ويتمكن من توجيه بعض الكلمات المعززة، التي تلامس أحاسيسنا وتعطينا القوة لمواجهة ما يعترضنا من مشكلات ،وهذا الشخص هو الذي يملك القدرة على التفاعل معنا بطريقة حساسة ومتعاطفة، فهو يستطيع أن يقرأ لغة جسدك وتعبيرات وجهك، ويدرك كامل الإدراك لما تمر به، فهو من يستطيع أن يكون أذناً صاغية دون حديث، وهو من يستطيع أن يسمع كلمات صمتك،
ولاشك ان تلك اللحظات المميزة تثبت لنا أنه وبالرغم من عجزنا عن التوضيح المباشر لما يدور بداخلنا، فإن هناك أشخاصاً قادرين على التواصل معنا على مستوى أعمق، دون الحاجة إلى الكلمات. وهم الذين يشعرون بنا حقاً، ويعبرون عن ذلك بطرق غير لفظية. فهؤلاء الأشخاص يعطوننا أملًا وقوة، ويذكرونا بأننا لسنا وحدنا في رحلة الصدمة والشفاء،فهذا الود هو العنصر الجوهري الذي يحكم العلاقات الإنسانية، وهو الشعور الذي يعطي معنى لحياتنا ويجعلها أكثر سعادة وراحة.
فنحن نسمع كثيراً أن المحبة والطيبة لا تليق بهذا الزمان، و لكن الحقيقة أن المحبة والطيبة تليق بكل زمان ومكان، لكنها أبداً لا تليق بكل إنسان، فنحن نمضى في الحياة ونكبر في العمر، وتتسع دائرتنا من المعارف، وتقل دائرتنا من المقربين، فالناس تدخل حياتنا وتخرج لأسباب عديدة، و القليل من يمكث فيها ...ولكن يبقى الود محفوظاً للبعض ممن جمعتنا بهم الأيام والقلب يأبى أن ينسى جميل صـنيـعهم..!!
وفي النهاية، الوفاء والتعاطف والقدرة على فهم بعضنا البعض دون حاجة للكلمات هي المكونات الأساسية للعلاقات القوية والمثمرة فدعونا نحافظ على هذه العلاقات الثمينة ولنبادل الدعم والتفاهم مع من يستحق ذلك، ففي هؤلاء الأشخاص نجد السعادة والراحة والحب الحقيقي بقدرتهم النادرة على الوصول إلى عمقنا الداخلي وفهمنا، ولنتذكر دائماً أن لغة الصمت للتفهم والتعاطف قد تكون أقوى من الكلمات.
 0  0  12.7K