المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 24 نوفمبر 2024
طارق محمود نواب _ سفير غرب
طارق محمود نواب _ سفير غرب

النصيحة الانيقة

تتراوح المشاكل التي يواجهها الناس ما بين أبسط المشاكل إلى أكثر المشاكل تعقيداً وعمقاً، وكل مشكلة في هذه المشاكل تتطلب النصيحة. حتى المشاكل الصغيرة كالنوع البسيط الذي نواجهه في كل دقيقة خلال يومنا، تتطلب النصيحة بشدة.
فالمشاكل مثلها كمثل امواج البحر تأتي وتذهب على شاطئ حياتنا. فقد تكون هناك أمواج صغيرة وهادئة، تشبه المشاكل البسيطة التي نواجهها في حياتنا اليومية. وعلى الرغم من أنها قد تكون غير مهددة لسلامتنا، فإنها لا تزال تحتاج إلى الملاحظة والتعامل السليم.
وفي المقابل، هناك أمواج عاتية ومتلاحقة، تشبه المشاكل المعقدة والعميقة في حياتنا. تلك المشاكل التي تشعرنا بالاحتراق وتعكر مزاجنا وتجعلنا نشعر بالضياع. فقد تكون هذه المشاكل علاقات متعثرة، أزمات مالية، فقدان أحباء أو مشاكل صحية. إنها المشاكل التي تبدو مستحيلة في البداية وتحتاج إلى نصائح ومواجهة جادة للتغلب عليها.
وبغض النظر عن مستوى تعقيد المشكلة، فإن النصيحة تظل ضرورية في كل حين. فقد تظهر المشاكل الصغيرة بشكل يومي، وإذا تجاهلناها، قد تنمو وتتسع لتؤثر على حالتنا العامة. لذا تصبح النصيحة في هذه الحالة ضرورة لا غنى عنها، فهي تعمل كإطفاء حرائق صغيرة قبل أن تنفجر وتحول حياتنا لكارثة.
وعلى صعيد المشاكل العميقة والمعقدة، فإن النصيحة تكون أكثر أهمية وتعقيداً. فمن الممكن أن تكون مشكلة صعبة للغاية وتتطلب تفكيراً استراتيجياً وحسماً صائباً. وهنا، يتعين علينا أن نكون حذرين في منح النصيحة، حيث يمكن لكلمة واحدة أن تؤثر بشكل كبير على الشخص المستشار أو المستشير. لذا، يحتاج الأمر دائماً إلى توازن وحساسية، ويجب أن يتم تقديم النصيحة من منطلق الاحترام والصدق والتعاطف.
ولأن الإنسان بطبعه معرض للخطأ، فإن النصح البناء والانتقاد الموجه يصبحان واجبين وضروريين، بناءً على مبادئ وقواعد ينبغي الالتزام بها. حيث يتطلب النصح الفعّال أن يكون المقدم للنصيحة مؤهلاً وملتزماً بهدف إثراء الآخرين، وأن يكتسب من يستمعون إليه القبول والثقة من خلال سماته الشخصية والأخلاقية.
وأولى قواعد النقد البنّاء تكمن في إبراز الجوانب الرئيسية للمشكلة بشكل شامل، ومن ثم اقتراح الحلول البناءة لتصحيحها، دون الاكتفاء بمجرد إصدار انتقادات بلا بناء. فالبحث عن السلبيات دون النظر إلى الإيجابيات يتطلب توجيهاً وتصويباً، خاصة في تركيز بعض العقول فقط على الجانب السلبي، مما يُشعر الآخرين بأنه الجانب الوحيد الموجود بهم.
وبطريقة أخرى، النقد البنّاء يُعَدّ تقييماً بنّاءً للسلوكيات بشكل شامل، كما يهدف إلى تصويب الأخطاء إن وُجِدت وتعزيز النجاحات عندما يتم العمل بانضباط. بينما الانتقاد يقتصر على البحث المتعمّد عن الأخطاء وتسليط الضوء على الجوانب السلبية. فالاختلاف في الآراء بين البشر طبيعي، ولكن ذلك لا يبرّر أبدا استخدام الانتقادات الهجومية والمزايدة على الآخرين بحجة إسداء النصح. فمن المؤسف أن نرى أشخاصاً يصدرون الأحكام دون دليل قاطع أو استناد إلى معلومات غير موثوقة، ذلك ما يُشوّه النوايا ويبتعد عن المعنى الأساسي للمسألة. النقد البناء يسعى لتقديم حلول للمشكلات ويركز على الأفعال دون التركيز على الأشخاص، وهو موجه بروح حريصة وحذرة لتحسين الوضع بدلاً من السعي للعثور على الأخطاء، وتوجيه النقد بشكل موضوعي ومتوازن، بعيداً عن التركيز الزائد على السلبيات، يُسهّل قبوله ويزيد فرص النصح لدى الآخرين.
وفي النهاية، إسداء النصح واجب إنساني نحو بناء علاقة أفضل مع الآخرين ومساعدتهم في حل المشاكل التي يواجهونها. من خلال تقديم النصيحة بحكمة ومعرفة، يمكن أن نساهم في تغيير حياة الآخرين ومساعدتهم على النمو والتطور. فقد تكون النصيحة فقط كلمات، لكنها قد تكون كافية لتحويل حياة شخص ما وإعطائه الدفعة اللازمة للوصول إلى أهدافه وتحقيق نجاحه.
 0  0  9.0K