المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الخميس 26 ديسمبر 2024
طارق محمود نواب _ سفير غرب
طارق محمود نواب _ سفير غرب

ماذا لو؟

في حياتنا المعاصرة، نجد أنفسنا غالباً محاطين بالتفاصيل اليومية والمسؤوليات المتراكمة، وقد نشعر أحياناً بالارتباك والتشتت، وذلك لأننا قد نعمل في مجال لا يتناسب مع مهاراتنا الحقيقية أو شغفنا الحقيقي. فقد يُحتج علينا القيام بأعمال تُرهقنا وتسلب طاقتنا، وتحجب عنا الرضا الروحي والإنتاجية.
ففي البداية لا بد لنا أن نعترف بأنَّ الموجه الحقيقي لاختيارنا لتخصص عملنا في مجتمعاتنا العربية ليس رغبات الشخص أو قدراته أو ميوله أو طبيعة شخصيته، إنما وللأسف الموجه الاول هو رغبة الوالدين أو الأقارب أو نصيحة من صديق أو ثقافة مجتمعية سائدة تقول بأن الطبيب والمهندس هم أسياد العالم وأرقى طبقات المجتمع، والباقي موظفون عاديون مسحوقون لا سبيل لهم للتميز ولا حتى للإبداع.
ومن ناحية أخرى، قد يكون الدافع للعمل في تخصص مختلف عن مجال الدراسة هو أن يكون الشخص قد درس التخصص الذي يحب وبما يتناسب مع شخصيته ومهاراته و قدراته، ولكنه لم يجد فرصة العمل المناسبة. لكن ماذا لو قررنا أن نعود إلى مجالنا الحقيقي وتخصصاتنا؟ ماذا لو التفتنا إلى العمل الذي يجيده كلٌ منّا ويمتعنا به شغفاً حقيقياً؟ فبالطبع، ستكون النتائج فريدة ومدهشة.
فعندما يعود كلُ منّا إلى مهمته الصحيحة وتخصصه، سيشعر بنوعٍ من السعادة والانتعاش، هذا الشعور الذي يجعله متحمساً ومليئاً بالطاقة الإيجابية، وهو ما ينعكس على أدائه ونجاحه. فإذا قام كلُ منّا بعمل يجيده ويستمتع به، فذلك يجعله قادراً على الابتكار والإبداع وصنع تأثير إيجابي أكبر في العالم. وحينها سنكتشف قدراتٍ ومواهب جديدة لدينا، ونتمكن من تحقيق إمكاناتنا الكاملة. فعندما نركز على الأشياء التي نجيدها، نتعلم بسرعة ونتقدم بشكلٍ ملحوظ.
ولكن ذلك ليس بالأمر السهل في المجتمع الحديث، فتعتبر العودة إلى مكاننا الحقيقي أمراً ضرورياً لتحقيق الراحة النفسية والانجازات الشخصية، فمن الممكن أن يكون من الصعب فعلاً إحداث تغيير في حياتنا المهنية، ولكنه ليس مستحيلاً. وحتى نقوم بذلك وتصبح لدينا القدرة على توجيه القدرات وتطبيقها في مكانها الحقيقي يجب علينا أن نبدأ بتحليل وتحديد مواهبنا واهتماماتنا حقاً. فعندما نركز على مجال عمل يجمع بين التحديات والشغف، سنشعر بالرضا العميق والتحفيز الدائم للتطور والنمو الشخصي، كما يجعلنا نساهم بأفضل ما لدينا في هذا المجال ونحقق التوافق الكامل بين ذواتنا وعملنا.
لكن قبل أن نتحرك نحو الاتجاه الحقيقي أو المناسب بالنسبة لنا، يجب علينا تجاوز العقبات والتحديات التي قد تعترض طريقنا، وقد يواجهنا مقاومة من الآخرين الذين يروننا في مكاننا الحالي، أو ضغوط المجتمع أو الظروف الاقتصادية لذا يجب أن نكون قادرين على التعامل مع هذه التحفظات بثقة وصبر، وأن نثبت لأنفسنا وللآخرين أن هذه الخطوة في مصلحتنا الحقيقية وستجلب لنا سعادة وتحقيقاً لإنجازات تدوم طويلاً.
ولكن ماذا لو تمكنا من العمل على تحقيق هذا الحلم والعودة إلى المجال الذي نجيده بشكلٍ حقيقي؟ بالتأكيد سيكون لدينا الفرصة للتعبير عن أنفسنا بشكلٍ أفضل وتحقيق نجاح مهني مستدام.
فاالعمل في مجال يجيده الفرد ويحبه، ستكون الإنتاجية أكثر فعالية وجودة. وسيشعر الفرد حينها بالرضا والسعادة الحقيقية بعد تحقيق شغفه واستخدام قدراته بطريقةٍ كاملة. فسيكون هناك مرونةٌ أكبر للتعبير عن الإبداع وتطوير القدرات والمهارات الشخصية. وذلك من خلال منح الأفراد الفرصة للعودة إلى مكانهم الحقيقي، كما يمكن تحقيق تناغم بين الذات والعمل، وحينها ستتحسن نوعية الحياة والصحة العامة للأفراد والمجتمع بشكلٍ عام، وسيزداد الحماس والدافع للعمل بجد واجتهاد، مما سيؤدي إلى نجاحٍ أعلى وتحقيق أهداف مهنية وشخصية أكبر.
كما يجب أن ندفع أنفسنا نحو التغيير والنمو الشخصي. فقد يكون ذلك صعباً في البداية، خاصةً إذا كانت لدينا التزامات ومسؤوليات حالية. ولكن عندما ندفع أنفسنا للبحث عن فرص وتحديات تتناسب مع قدراتنا واهتماماتنا الحقيقية، سنجد تلك الأبواب تفتح أمامنا.
ومن الضروري أيضاً أن يكون لدينا الجرأة لمواجهة المجهول والاستعداد للتغيير، فقد تواجهنا صعوبات وتحديات في الطريق، ولكن عندما نعتبرها فُرصاً للتعلم والنمو، يمكننا التغلب على تلك الصعاب.
 0  0  15.3K