المقاطعة المركّزة
مازلنا نتذكر المقاطعة الشهيرة للبضائع البريطانية التي قام بها الزعيم الهندي المهاتما غاندي وكيف كان لها الأثر الإيجابي في استقلال الهند وإنهاء الاحتلال البريطاني لبلاده،
فركز غاندي على:
- رفض أن يقوم بحلاقة ذقنه بشفرة بريطانية وترك حلاقتها حتى حلقها بشفرات مصنوعة في بلاده.
- حث الهنود على الامتناع عن العمل في مؤسسات المستعمر البريطاني.
- شجع على مقاطعة بنوك وشركات ومؤسسات المستعمر البريطاني.
- طالب الشعب الهندي بالتقشف والاستغناء عن البذخ لتحقيق متطلبات مرحلة مقاومة المستعمر البريطاني.
ولأن المحتل الغربي وانظمته القمعية قائم على هيمنة الشركات الكبرى على المفاصل الرئيسية لتلك الدول وبالتالي تحرك سياستها جملة وتفصيلاً، وبطبيعة الحال كان المهاتما غاندي قدوة لشعبه في كل الحملات التي قام بها ولهذا كان التفاعل الشعبي المباشر وكان النجاح،
وإذا عدنا الى عالمنا العربي وكيف كانت نكبة فلسطين وكيف زُرِعَت هذه الدويلة اللقيطة بعد أن جيء بشذاذ الأفاق لصناعة هذه الدولة لتكون خنجراً مسموماً في جسد الأمة العربية والإسلامية،
وإذا عدنا بالتاريخ الى بضعة عقود مضت وتأملنا جيدا الداعم الرئيس لهذا الكيان ومنذ نشأته الى جانب منظومات الحكم المسيحية المتصهينة في بريطانيا وامريكا وغيرهما من الدول الأخرى نجد أيضا أن هناك عدد من الشركات الكبيرة والتي في معظمها يمتلكها اليهود هي داعم رئيس وكبير للكيان الصهيوني،
وهذا لم يعد خافياً بل وبتبجح علني ولم يعودوا يلقون بالاً للشعوب العربية بعد أن نجحت حملات التطبيع مع بعض الدول وآتت ثمارها، ونجحت الدعاية الإعلامية لهذه الشركات للترويج لمنجاتها حتى أصبحت هذه المنتجات وكأنها ضرورة لا غنى عنها في حياة الفرد والمجتمع وأصبحنا نتقاعس حتى عن إيجاد البديل المناسب وكأنه لا مفر لنا من منتجات تلك الشركات، وهذا وهمٌ تعيشه الشعوب، فلو أدركنا حقيقة أن عُبّاد المال من الصهاينة وشركائهم يعلمون علم اليقين لومسّت مصالحهم وانخفضت مبيعاتهم من خلال مواقف حقيقية للشعوب وحكامهم لراجعوا حساباتهم وسياساتهم الداعمة للعدوان الصهيوني ولمراكز صنع القرار في الدول الداعمة لهذا الكيان المسخ،
فلو حسبنا تعداد سكان الدول العربية التي قاربت على نصف مليار نسمة لو أن نصفهم امتنعوا عن تناول المشروبات الغازية لخسرت تلك الشركات ما يقارب مئاتي مليون دولار يومياً من مبيعاتهم للمشروبات الغازية التي ضررها أكبر من نفعها، فكم ستكون مقدار الخسائر السنوية،
وهكذا الحال لبقية الشركات التي لو حصلت مقاطعة حقيقية لها لأعلنت افلاسها السريع في وضح النهار،
وقد كنّا في يوم من الأيام نتغنى بتلك المقاطعة الصادرة من الجامعة العربية أيام بقايا من روح العروبة تجاه شركتي فورد وكوكا كولا
وفعلاً تعرضت تلك الشركتين لخسائر غير عادية واستحوذت على السوق شركات منافسة،
ولكن هذه المقاطعة رُفِعَت بالتدريج بعد كامب ديفيد وأخواتها،
ولهذا أقول إن الشعوب هي المعنية بذاتها وبإمكانها أن تصنع المستحيل بعيداً عن الأنظمة وسياساتها،
وتقع المسؤولية بالدرجة الأولى على الأسرة إذا استطاعت أن توجه أبنائها منذ نعومة أظفارهم وعرفتهم بمن هو عدوهم ومن يتآمر على بلدانهم ومن يسوم إخوانهم سوء العذاب لتغيّرت الكثير من الوقائع،
فلو كل أسرة ركّزت على مجموعة محدودة من المنتجات الداعمة للعدوان الصهيوني ووجهت أبنائها تحديدا للمقاطعة الفاعلة لأصبح هذا الأمر جزء من سلوكهم وتعاملهم اليومي وبالتالي سيتعدى تأثيره الى الزملاء والأصدقاء والجيران،
وهناك أمرٌ أن معظم هذه الشركات يمتلكها الصهاينة ويعلنون عداوتهم للإسلام والمسلمين وللعرب جميعاً وحتى شعارات بعض المنتجات لا تخلو من إشارات خفية أو ظاهرة تؤكد ما أشار اليه الكثير من بعض الاستنتاجات وعلى سبيل المثال ذلك المشروب الشهير ((قيل إن معنى كلمة بيبسي ماهي إلا اختصار لجملة «Pay Every Pens To Save Israel» أي بمعنى ادفع كل النقود للحفاظ على إسرائيل،
وهكذا الحال لشركة كوكا كولا وطريقة كتابتها بتلك الطريقة إذا وضعتها امام المراءة لرأيت ان عبارة (لا محمد لا مكة) مكتوبة أمامك بكل وضوح،
وأما تلك القهوة الشهيرة التي يتهافت عليها الكثير فشعارها هو صورة رمزية، للملكة اليهودية إستير التي تلقب بحامية اليهود، والتي يحمل اسمها سفراً في كتابهم المقدس بزعمهم،
ومثل هذه الأمور كثيرة فلابد من التركيز والمقاطعة الجادة.