أجنحة السعادة وزعانف الألم
جميعنا كبشر وبحكم طبيعتنا نميل أكثر للحياة المليئة بالحب والسعادة، وحين تنتابنا السعادة حيث نغرق في حالة من الخيال في عالم وردي بألوان زاهية وتتطاير أحلامنا كأنها سحابة قطنية رقيقة تحملنا وتحلق بعيداً مع نسائم الصيف الرقيقة، فنعلوا فوق الجبال ونرى البحار، ثم نتمدد على العشب الأخضر، إلى أن نرحل في يخت فخم إلى الجزر الخالية، واعني بحديثي هذا أن السعادة تمنحنا أجنحة كالطيور، وزعانف كالأسماك ورقة السحاب ثم نعومة الغيوم.
ولكن الوضع يصبح عكس ذلك تماماً حين تنتابنا التعاسة... فحينها نتألم وتتكسر تلك الأجنحة فنقع من علو ساحق، وتنكمش تلك الزعانف فنغرق في بركة من المياه الضحلة، ثم وفي النهاية نضطر للجلوس على صخور صلبة وخشنة عوضاً عن التمدد على الغيوم الوثيرة والذهاب بها بعيداً حيث الأحلام الوردية.
ولكن وسط كل ذلك من منا يتأمل تلك التعاسة المظلومة؟ ومن منا يرى الجمال الساكن فيها؟ فجميعنا في بحث محموم عن السعادة، وجميعنا نرى السعادة في جمع الأموال والحصول على المراكز والسلطة وقائمة طويلة لا تنتهي تُشكل عناصر السعادة، وبينما التعاسة تجعلك تدرك أن تلك القائمة يمكن وبلحظة أن تصبح مجرد حطام. فلا يمكنك من خلال السعادة أن تعلم الحكمة لأنها تجعل الإنسان يعيش فيها رفاهية الشعور والجسد والماديات، لذا يختار الحكماء والزاهدين في الدنيا الابتعاد عن كل مظاهر الترف والمتع الزائدة واختيار الزهد في الحياة.
ولكن بالطبع حديثي هذا لا يعني أن يرغب الإنسان بالتعاسة حتى يستطيع فهم معاني الحكمة في الحياة، ولكني هنا أعني ألا نتذمر حين تأتي التعاسة، وندرك وبشكل كامل أن تلك التعاسة ما هي إلا باب من أبواب الحكمة والمعرفة غير السطحية للحياة. فالله تعالى لابد أن يكشف لكل منا المُخادع والمُنافق والكاذب وهذه الكشف بالتأكيد لها ثمن وهو هذا الشعور بالتعاسة والصدمة، ولذلك يموت الأحباب، ويمرض من نحب ويبتعدون ويهاجرون من لهم فالقلب جزءاً، وإن لم يبتعدوا تحل البرودة والجفاء على العلاقات مهما طالت فاليوم أحباب وغداً ربما نكون أعداء... اليوم نحن معاً وغدا نبتعد أو نسافر وربما نموت.
فالفقد هو المكون الأساسي لخلطة التعاسة، والايجاد الأساس الذي يبنى عليه السعادة؛ لذا في هذه الحياة نتعرض لمزج مستمر بين الفقد والإيجاد لمعرفة المعنى الحقيقي للتعاسة والسعادة.
ومن المؤسف أننا وفي كل محطة من محطات حياتنا نتوقف كثيراً في انتظار قطار السعادة، وندير ظهورنا للهروب حين تحضر حافلة التعاسة التي تحمل حقيقة ما يدور حولنا، تلك التي تجعلك تفهم نفسك بعمق وتكتشف من حولك وتُسقط عنهم الأقنعة، وهي أيضاً التي تزيح التشويش وستارة الاقذاء عن عيونك التي تم التشويش عليها، وهي أيضاً ما يجعل تلك الجدلية بين السعادة والتعاسة تمثل واحدة من أكثر الجوانب البشرية تعقيدًا. فالإنسان يتوق دائماً لتحقيق السعادة والبحث عنها في مختلف جوانب حياته، سواء كان ذلك من خلال العلاقات الاجتماعية، أو تحقيق النجاح المهني، أو تطوير الذات. وعندما نصل إلى تلك اللحظات السعيدة، يشعر الإنسان بأنه على قمة العالم، ويشعر بأن كل شيء ممكن.
لكن مالا نتطرق إليه أبدا هو أنه في أحايين كثيرة تكون المعاناة نعمة عظيمة تحمل في طياتها المعاني الحقيقية للحياة، فلا يمكن لشخص مر بمعاناة صعبة أن تتغير حياته بصورة مفاجئة أو كاملة، فلنعطي للمعاناة ما تستحق من الاحترام ولنقبل بها وبما تحمله رياحها، ومثلما نستقبل السعادة بالترحاب فلنحسن استقبال المعاناة أيضاً.
ولكن الوضع يصبح عكس ذلك تماماً حين تنتابنا التعاسة... فحينها نتألم وتتكسر تلك الأجنحة فنقع من علو ساحق، وتنكمش تلك الزعانف فنغرق في بركة من المياه الضحلة، ثم وفي النهاية نضطر للجلوس على صخور صلبة وخشنة عوضاً عن التمدد على الغيوم الوثيرة والذهاب بها بعيداً حيث الأحلام الوردية.
ولكن وسط كل ذلك من منا يتأمل تلك التعاسة المظلومة؟ ومن منا يرى الجمال الساكن فيها؟ فجميعنا في بحث محموم عن السعادة، وجميعنا نرى السعادة في جمع الأموال والحصول على المراكز والسلطة وقائمة طويلة لا تنتهي تُشكل عناصر السعادة، وبينما التعاسة تجعلك تدرك أن تلك القائمة يمكن وبلحظة أن تصبح مجرد حطام. فلا يمكنك من خلال السعادة أن تعلم الحكمة لأنها تجعل الإنسان يعيش فيها رفاهية الشعور والجسد والماديات، لذا يختار الحكماء والزاهدين في الدنيا الابتعاد عن كل مظاهر الترف والمتع الزائدة واختيار الزهد في الحياة.
ولكن بالطبع حديثي هذا لا يعني أن يرغب الإنسان بالتعاسة حتى يستطيع فهم معاني الحكمة في الحياة، ولكني هنا أعني ألا نتذمر حين تأتي التعاسة، وندرك وبشكل كامل أن تلك التعاسة ما هي إلا باب من أبواب الحكمة والمعرفة غير السطحية للحياة. فالله تعالى لابد أن يكشف لكل منا المُخادع والمُنافق والكاذب وهذه الكشف بالتأكيد لها ثمن وهو هذا الشعور بالتعاسة والصدمة، ولذلك يموت الأحباب، ويمرض من نحب ويبتعدون ويهاجرون من لهم فالقلب جزءاً، وإن لم يبتعدوا تحل البرودة والجفاء على العلاقات مهما طالت فاليوم أحباب وغداً ربما نكون أعداء... اليوم نحن معاً وغدا نبتعد أو نسافر وربما نموت.
فالفقد هو المكون الأساسي لخلطة التعاسة، والايجاد الأساس الذي يبنى عليه السعادة؛ لذا في هذه الحياة نتعرض لمزج مستمر بين الفقد والإيجاد لمعرفة المعنى الحقيقي للتعاسة والسعادة.
ومن المؤسف أننا وفي كل محطة من محطات حياتنا نتوقف كثيراً في انتظار قطار السعادة، وندير ظهورنا للهروب حين تحضر حافلة التعاسة التي تحمل حقيقة ما يدور حولنا، تلك التي تجعلك تفهم نفسك بعمق وتكتشف من حولك وتُسقط عنهم الأقنعة، وهي أيضاً التي تزيح التشويش وستارة الاقذاء عن عيونك التي تم التشويش عليها، وهي أيضاً ما يجعل تلك الجدلية بين السعادة والتعاسة تمثل واحدة من أكثر الجوانب البشرية تعقيدًا. فالإنسان يتوق دائماً لتحقيق السعادة والبحث عنها في مختلف جوانب حياته، سواء كان ذلك من خلال العلاقات الاجتماعية، أو تحقيق النجاح المهني، أو تطوير الذات. وعندما نصل إلى تلك اللحظات السعيدة، يشعر الإنسان بأنه على قمة العالم، ويشعر بأن كل شيء ممكن.
لكن مالا نتطرق إليه أبدا هو أنه في أحايين كثيرة تكون المعاناة نعمة عظيمة تحمل في طياتها المعاني الحقيقية للحياة، فلا يمكن لشخص مر بمعاناة صعبة أن تتغير حياته بصورة مفاجئة أو كاملة، فلنعطي للمعاناة ما تستحق من الاحترام ولنقبل بها وبما تحمله رياحها، ومثلما نستقبل السعادة بالترحاب فلنحسن استقبال المعاناة أيضاً.