المؤسس

رأسلنا

المبوبة

الخصوصية

عـن غـــــرب

فريق التحرير

  • ×
الأحد 5 مايو 2024
طارق محمود نواب _ مكة
طارق محمود نواب _ مكة

وماذا بعد سن الأربعين ؟!

تعتبر مرحلة الأربعين من أهم المراحل في حياة الإنسان، ففي هذه المرحلة يصبح الفرد مكتسبا للخبرات الكافية التي تجعله قادرا على خوض ميدان الحياة بمزيد من الحكمة والعلم، لكن في نفس الوقت يواجه الفرد الكثير من التحديات والصعوبات التي يجب عليه تخطيها؛ حتى يستطيع الحفاظ على نفسه وإيجاد معنى للحياة.
ومن المهم أن يعي الفرد أنه لا يزال بإمكانه تحقيق الكثير من الأهداف والأحلام، وأن عمره ليس مؤشراً على قدرته على الانجازات، فالعمر مجرد عدد ولا يعد مؤشراً على قدرة الفرد على التطور والتحرك نحو الافضل.
علاوة على ذلك، يجب على الفرد أن يتجاوز الشعور بالإحباط واليأس والانتكاسات التي تحدث في هذه المرحلة، وأن يحرص على الحفاظ على النشاط والفعالية في حياته اليومية، مثل العمل والتفاعل مع الآخرين، والاستمرار في تطوير نفسه واكتساب المزيد من المعرفة.
فلا شك في أن مرحلة الاربعين وما بعدها هي أكثر المراحل أهمية في حياة كل إنسان ؛ حيث يتصور كثير من الناس أنهم قد وصلوا إلى خريف عمرهم، وأنهم أيضاً قد غادروا ربيع الشباب وفقدوا الحيوية والنضارة في حياتهم، وبعضهم يسيطر عليه هذا الشعور إلى درجة أنه قد يصاب معها بالعديد من الأمراض النفسية؛ مثل الإحباط واليأس، وفقدهم للرغبة في العمل والعطاء، والانكفاء على الذات والوصول إلى حد قريب من العزلة، وهذا أمر منتشر في طبقات كثير من الناس، على درجات مختلفة في حدتها.
فالذين جازوا الأربعين يُقدرون أنهم قد فقدوا شبابهم، وأنه ولى بغير رجعة، وهذا يجرهم إلى ما لا يحمد عقباه من التصرفات والمشاعر؛ كما سبق ذكره، والحقيقة في ذلك أن للشباب مقياسا آخر ومختلفا كليا عن تقديره بسن محدد أو الوصول لعمر معين، كما أن النشاط البدني والذهني، والسرعة في الحركة، وعدم استسلام المرء للصعاب والوقوف دون الحواجز والعقبات، ورسوخ الامل، واليقين بالقدرة على التغيير؛ فكل تلك المقاييس هي مقاييس حقيقية لكي يبقى الرجل شابا مهما تقدمت به السن أو تغيرت منه الهيئة، فإن سن الأربعين هو العمر الذهبي للإنسان من حيث العطاء والمشاركة في قضايا المجتمع.
إذ أن هذه المرحلة هي المرحلة الزمنية التي يظن بعض الناس أنها هي مرحلة التدرج من القوة إلى الضعف، وأنها هي البداية للتقهقر والانحدار، فهذه المرحلة هي المرحلة الذهبية للعطاء الثري، والعمل الجاد، وهي مرحلة استبدال الخبرة والتجارب إلى واقع معاش في هذه الدنيا، وهي ايضا مرحلة اكتمال الخلال، والنظر إلى الأمور نظرة رويَّة وبعيدة ؛ لا اندفاع فيها ولا هَوَج، فهي إذا مرحلة متميزة جدا في حياة المرء.
فالمرء لا يقوم بعمره، ولا يُحد بسنه، و العازم على العطاء لا يوقفه إلا حضور الأجل، وفراق العمل إلى الأمل، ومن يعتقد بغير ذلك أو قصر عن ذلك فهو مجرد واهم. بالإضافة إلى أنه ينبغي على المرء العاقل ألا يضيع عمره بالشعور بالعجز، ولا يقضي وقته في الأوهام، بل يعمل ويجتهد بكل ما لديه من قوة، وحتى يدركه الأجل يظل عامل مثابر، فمن يدري فلعل ما ينتظره بعد الأربعين أكثر مما مضى عليه من السنين، فالأربعون مرحلة زمنية مميزة؛ قد تكون مرحلة افتتاح لحياة جديدة.
وأخيراً، يجب على الفرد أن يتذكر أنه لا يوجد حدود لمدى التطور والتحسن في حياته، فالعمر هو مجرد عدد والحياة ما زالت ممتازة بانتظاره ليستكشفها ويستمتع بها.
 0  0  7.9K