93
رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (ابراهيم37
حينما نعد السنين فإننا نتحدث عن الزمكان، زمن يمر على مكان، لكن عندما نقيس عمر الدول فإننا سنتحدث عن الإنتاج والتطور العمراني والمدني، والتطور في الإدارة وبالتالي السياسة كفرع من الإدارة للبلاد، هذا البلد الذي يحتضنه برحمة الله بيت الله الحرام ومسجد نبيه بما فيه من خير الناس خلقا كان التمكين لهذا البلد .... ليقيموا الصلاة، (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ 41 الحج .... والصلاة المعاضدة مع التمكين لا ينبغي أن نفسرها بالصلاة المفروضة وان كانت تشملها، وإنما بمعنى الوقوف أمام الله في إقامة الحياة وتسيير أمور العباد والبلاد والعمران والتطور المدني، وهذا من معالم الاستقرار والتمكين، فهم أن تمكنوا اعمروا وبنوا وسيروا حياة الناس بالتوازن والعدل.
الصحراء ورجال الدولة مرة أخرى:
في مقال سابق (الصحراء ورجال الدولة) ذكرت بعضا من سيرة المؤسس الذي أصدر مرسوم تسمية المملكة باسمها الحالي رقم 2716، وتاريخ 17 جمادى الأولى عام 1351هـ، الذي قضى بتحويل اسم الدولة من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية، وذلك ابتداءً من يوم الخميس 21 جمادى الأولى 1351 هـ الموافق 23 أيلول سبتمبر 1932 قبل 93 عام والذي استطاع من خلال حلم وإصرار أن يتحول والناس من حالة التعايش مع الصحراء إلى العيش فيها ولكن كما في أحلامه التي تعاظمت مع أحلام الأحفاد كما تطورت مكة والمدينة ومعها المدن الأخرى مع الزمن واستجابت للمتغيرات والحاجات لتكون المملكة العربية السعودية التي نراها اليوم.
أن هذه الشخصيات التي تنتقل بواقعها من الاستسلام للظرف إلى قيادته، هي من تكون السبب أن تممت مصداقيتها بمستشارين ومساعدين ليكون هنالك من الثمرات والتكييف، وليس من بلد كالسعودية يعتبر في أفئدة المسلمين كافة صغيرهم وكبيرهم هو البلد المحبوب والوطن، فليس الوطن من تسكن فيه جسدا وإنما ما يعيش فيك ويدخل ذكره السكينة إلى نفسك فيكون وجوده فيك هو السكن.
السعودية والنظام العالمي:
السعودية أكبر دول الخليج حجما ونفوسا وقدرات ومكانة عند المسلمين في وجود الحرمين، بلد محمي لا يفكر له بسوء ألا شقي ولا يسكت عن أذاه أبيّ.
منظومة مجلس التعاون الخليجي منظومة هي الوحيدة الأقل تضررا والتي يمكن إعادة تنظيمها لتقود المنطقة في التموضع بعد الفوضى القادمة بمكانة تستحقها فعلا وفي التخطيط وإدارة العالم من خلال التضامن الخليجي والمحيط العربي والإسلامي ففي هذه البلدان تكامل واعد ومن واد غير ذي زرع إلى واد مسكون وأم القرى حيث تكون إرادة الله في التمكين وإقامة سياسة واقتصاد مهيمن متمكن.
اليوم أن قالت السعودية ينخفض النفط، ينخفض، وهي ومنظومة مجلس التعاون الملاذ للدول الصناعية في أزماتها الاقتصادية والسياسية وغيرها تلجأ إلى احدى دول الخليج، هذه الميزة التي لابد من مسكها باليد المبادرة ولا تبقى عند الطلب يمكنها أن تكون شريكا في عالم متعدد الأقطاب مناطقي التمكين، وليس من يملك مقوماته مثل منطقتنا وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي.
مكاننا حيث نريد
لا ينبغي أن ننتظر أين سيكون كرسي جلوسنا في النظام العالمي القادم ولا ننتظر أن يكون لمقاعدنا أرقام، بل نحن من نستطيع فعل ذلك بإقامة الصلاة التي تعني ضبط إيقاع الحياة الاقتصادية والسياسية والجغرافية في صناعة التاريخ... ولعلها مناسبة أن تنظر المملكة إلى ما طرحنا في مقالات سابقة
• عملة نفط الموحدة: أن تجد دول الخليج عملة للنفط موحدة تحدد قيمتها بالنفط وتكون وحدة قياس العملات المحلية وعملة التجارة الدولية
• أن تسعى دول مجلس التعاون إلى مشروع الأنابيب التركي الخليجي عبر سد حديثة في العراق ودراسة إمكانية تنفيده.
• ضبط سياسة موحدة واستراتيجية من اجل التكامل البيني ودول المنطقة وفق منظار غير تقليدي بل وفق تخطيط للدور والمكان القادم الذي يلبي الطموح
في العام الثالث والتسعين من عمر توحيد البلاد والعباد والأمان والخدمة للحرمين نهني قيادة السعودية وشعبها والعالم الإسلامي بدوام السلام والاستقرار في ارض النور وبلاد النور ذلك الوطن الذي يعيش فينا حيث انبثقت منه العقيدة التي في النفوس مادامت الأرض ومن عليها.
المهندس
محمدصالح البدراني